من عام تسعة وأربعين وسبعمائة. واستمرت أيامه أثناء الفتنة وارتاش، وأقام رسم الإمرة، وجدّد ملك قومه. واستمرت حاله إلى أن أوقع بهم ملك «١» المغرب، أمير المسلمين أبو عنان الوقيعة المصطلمة «٢» التي خضدت الشوكة، واستأصلت الشّأفة.
وتحصّل عثمان في قبضته. ثم ألحقت النكبة به أخاه «٣» ، فكانت سبيلهما في القتل صبرا عبرة، وذلك في وسط ربيع الأول من عام التاريخ.
وبتونس: الأمير أبو يحيى أبو بكر ابن الأمير أبي زكريا ابن الأمير أبي إسحاق ابن الأمير أبي زكريا «٤» ، إلى أن هلك. وولي الأمر «٥» ولده عمر، ثم ولده أحمد، ثم عاد الأمر إلى عمر. ثم استولى ملك المغرب السلطان أبو الحسن على ملكهم. ثم ضمّ نشرهم بعد نكبته وخروجه عن وطنهم على أبي إسحاق بن أبي بكر.
ومن ملوك النصارى بقشتالة: ألفنش «٦» بن هرنده بن دون جانجه بن ألفنش المستولي على قرطبة، ابن هرنده المستولي على إشبيلية، إلى عدد جمّ. وكان «٧» طاغية مرهوبا، وملكا مجدودا. هبّت له الريح، وعظمت به إلى المسلمين النكاية.
وتملّك الخضراء بعد أن أوقع بالمسلمين الوقيعة الكبرى «٨» العظمى بطريف. ثم نازل جبل الفتح، وكاد يستولي «٩» على هذه الجزيرة، لولا أن الله تداركها بجميل صنعه وخفيّ لطفه، لا إله إلّا هو. فهلك بظاهره في محلّته حتف أنفه ليلة عاشوراء من عام أحد وخمسين وسبعمائة، فتنفس المخنّق، وانجلت الغمّة، وانسدل السّتر. كنت منفردا بالسلطان، رحمه الله، وقد غلب اليأس، وتوقّعت الفضيحة، أؤنسه بعجائب الفرج بعد الشدة، وأقوي بصيرته في التماس لطف الله، وهو يرى الفرج بعيدا، ويتوقع من الأمر عظيما. وورد الخبر بمهلكه، فاستحالت الحال إلى ضدها من السّرور والاستبشار، والحمد لله على نعمه. وفي ذلك قلت «١٠» : [الطويل]
ألا حدّثاني «١١» فهي أم الغرائب ... وما حاضر في وصفها مثل غائب