وتردّد لهجي بما يبلغني من معاليك ومعانيك، وما شاده فكرك الوقّاد من مبانيك، وما أهلّت به بلاغتك من دارسه، وما أضفت «١» على الزمان من رائق ملابسه، وما جمعت من أشتاته، وأحيت من أمواته، وأيقظت من سناته «٢» ، وما جاد به الزمان من حسناته.
فلترداد هذه المحاسن من أنبائك، وتصرّف الألسنة بثنائك، علقت النفس من هواها بأشدّ علاقة، وجنحت إلى لقائك جنوح والهة مشتاقة، والحوادث الجارية تصرفها، والعوائق الحادثة كلما عطفت بأملها «٣» إليه لا تتحفها به ولا تعطفها، إلى أن ساعد الوقت، وأسعد البخت، بلقياكم «٤» هذه السفرة الجهادية، وجاد إسعاف الإسعاد من أمنيتي بأسنى هديّة، فلقيتكم لقيا خجل، ولمحت أنواركم لمحة على وجل، ومهجتي «٥» في محاسنكم الرائقة، ومعاليكم الفائقة، على ما يعلمه ربّنا عزّ وجلّ.
وتذكرت عند لقائكم المأمول، إنشاء قائل يقول:[البسيط]
كانت محادثة «٦» الركبان تخبر عن ... محمد بن خطيب «٧» بأطيب الخبر
حتى التقينا فلا والله ما سمعت ... أذني بأحسن ممّا قد رأى بصري
قسما «٨» لعمري أقوله وأعتقده، وأعتدّه وأعتمده، فلقد بهرت منك المحاسن، وفقت من يحاسن، وقصر عن شأوك كلّ بليغ لسن، وسبقت فطنتك النّارية النّوريّة بلاغة كلّ فطن، وشهد لك الزمن «٩» أنك وحيده، ورئيس عصبته الأدبية وفريده. فبورك لك فيما أنلت من الفضائل، وأوتيت من آيات المعارف التي بها نور الغزالة هائل «١٠» ، ولا زلت مرقّى «١١» في مراتب المعالي، موقّى صروف الأيام والليالي.
ومن شعره يمدح الجهة النّبوية، مصدّرا بالنسيب لبسط الخواطر النّفسانية «١٢» :
[الكامل]
لما تناهى الصّبّ في تشويقه ... درر الدموع اعتاضها بعقيقه