للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأصحبه أبا جعفر بن عطية، وأمره أن يتوجّه بعد استقرار ولده بها إلى ألمرية؛ وقد تقدّم إليها السيد أبو سعيد بن عبد المؤمن، وحصر من بها النصارى، وضيّق عليهم، ليحاول أمر إنزالهم، ثم يعود إلى إشبيلية، ويتوجّه منها مع واليها، إلى منازلة الثائر بها على الوهيبي؛ فعمل على ما حاوله من ذلك؛ واستنزل النصارى من ألمريّة على العهد بحسن محاولته، ورجع السيد أبو سعيد إلى غرناطة، مزعجين إليها، حتى يسبقا جيش الطاغية؛ ثم انصرف إلى إشبيلية ليقضي الغرض من أمر الوهيبي. فعندما خلا منه الجوّ، ومن الخليفة مكانه، وجدت حسّاده السبيل إلى التدبير عليه، والسعي به، حتى أو غروا صدر الخليفة؛ فاستوزر عبد المؤمن ابن عبد «١» السلام بن محمد الكومي. وانبرى لمطالبة ابن عطية، وجدّ في التماس عوراته، وتشنيع سقطاته، وأغرى به صنائعه، وشحن عليه حاشيته، فبرّوا وراشوا وانقلبوا، وكان مما نقم على أبي جعفر، نكاة القرح بالقرح، في كونه لم يقف في اصطناع العدد الكثير من اللمتونيين، وانتياشهم من خمولهم، حتى تزوج بنت يحيى الحمار من أمرائهم؛ وكانت أمها زينب بنت علي بن يوسف، فوجدوا السّبيل بذلك إلى استئصال شأفته والحكام، حتى نظم منهم مروان بن عبد العزيز، طليقه ومسترقّ اصطناعه، أبياتا طرحت بمجلس عبد المؤمن «٢» : [البسيط]

قل للإمام أطال «٣» الله مدّته ... قولا تبين لذي لبّ حقائقه

إنّ الزراجين قوم قد وترتهم ... وطالب الثأر لم تؤمن بوائقه «٤»

وللوزير إلى آرائهم ميل ... لذاك ما كثرت فيهم علائقه

فبادر الحزم في إطفاء «٥» نارهم «٦» ... فربما عاق عن أمر عوائقه

هم العدوّ ومن والاهم كهم ... فاحذر عدوّك واحذر من يصادقه

الله يعلم أني ناصح لكم ... والحقّ أبلج لا تخفى طرائقه «٧»