قد كان يسترني ظلام شبيبتي ... والآن يفضحني صباح مشيبي «١»
وإذا الجديدان «٢» استجدّا أبليا ... من لبسة «٣» الأعمار كلّ قشيب
سلني عن الدهر الخؤون وأهله ... تسل المهلّب عن حروب شبيب «٤»
متقلّب الحالات فاخبر تقله ... مهما أعدت يدا إلى تقليب
فكل الأمور إذا اعترتك لربّها ... ما ضاق لطف الرّبّ عن مربوب
قد يخبأ المحبوب في مكروهها ... من يخبأ المكروه في المحبوب
واصبر على مضض الليالي إنها ... لحوامل سيلدن كلّ عجيب
واقنع بحظّ لم تنله بحيلة ... ما كلّ رام سهمه بمصيب
يقع الحريص على الرّدى ولكم غدا ... ترك التّسبّب أنفع التّسبيب
من رام نيل الشيء قبل أوانه ... رام انتقال يلملم «٥» وعسيب
فإذا جعلت الصبر مفزع معضل ... عاجلت علّته بطبّ طبيب
وإذا استعنت على الزمان بفارس «٦» ... لبّى نداءك منه خير مجيب
بخليفة الله الذي في كفّه ... غيث يروّض ساح كلّ جديب
المنتقى من طينة المجد الذي ... ما كان يوما صرفه بمشوب
يرمي الصّعاب بسعده «٧» فيقودها ... ذللا على حسب الهوى المرغوب
ويرى الحقائق من وراء حجابها ... لا فرق بين شهادة ومغيب
من آل عبد الحقّ حيث توشّحت ... شعب العلى وربت بأيّ كثيب
أسد الشّرى سرج الورى فمقامهم ... لله بين محارب وحروب
إمّا دعا الداعي وثوّب صارخا ... ثابوا وأمّوا حومة التّثويب
شهب ثواقب والسماء «٨» عجاجة ... مأثورها قد صحّ بالتّجريب
ما شئت في آفاقها من رامح ... يبدو وكفّ بالنّجيع خضيب
عجبت سيوفهم لشدّة بأسهم ... فتبسّمت والجوّ في تقطيب