نظموا بلبّات العلا واستوسقوا ... كالرّمح أنبوبا على أنبوب
تروي العوالي في المعالي «١» عنهم ... أثر النّدى المولود والمكسوب
عن «٢» كلّ موثوق به إسناده ... بالقطع أو بالوضع غير معيب
فأبو عنان عن عليّ نصّه ... للنّقل عن عثمان عن يعقوب
جاءوا كما اتّسق الحساب أصالة ... وغدوا فذالك «٣» ذلك المكتوب
متجسّدا من جوهر النور الذي ... لم ترم يوما شمسه بغروب
متألّقا من مطلع الحقّ الذي ... هو نور أبصار وسرّ قلوب
قل للزمان وقد تبسّم ضاحكا ... من بعد طول تجهّم وقطوب
هي دعوة الحقّ التي أوضاعها ... جمعت من الآثار كلّ غريب
هي دعوة العدل الذي شمل الورى ... فالشّاة لا تخشى اعتداء الذّيب
لو أنّ كسرى الفرس أدرك فارسا ... ألقى إليه بتاجه المعصوب
لمّا حللت بأرضه متملّيا» ... ما شئت من برّ ومن ترحيب
شمل الرّضا فكأنّ كلّ أقاحة ... تومي بثغر للسلام شنيب
وأتيت في بحر القرى أمّ القرى ... حتى حططت بمرفإ التقريب
فرأيت أمر «٥» الله من ظلّ التّقى ... والعدل تحت سرادق مضروب
ورأيت سيف الله مطرور الشّبا «٦» ... يمضي القضاء بحدّه المرهوب
وشهدت نور الحقّ ليس بآفل ... والدّين والدّنيا على ترتيب
ووردت بحر العلم يقذف موجه ... للناس من درر الهدى بضروب
لله من شيم كأزهار الرّبى ... غبّ انثيال العارض المسكوب
وجمال مرأى في رداء مهابة ... كالسيف مصقول الفرند مهيب
يا جنّة، فارقت من غرفاتها ... دار القرار بما اقتضته ذنوبي «٧»