فلا تقن ما يفنى تعش وادع للحشا «١» ... أبى الدهر أن يلقى على الدهر ألفان
صديق الفتى إن خفّق الحق روحه ... فكم نسبة ما بين روح وجثمان
وما حال زند لم يؤيد بساعد ... وما حال طرف قد أصيب بإنسان
وهبني أمنت الحادثات ولم يرع ... جناني وخلّاني الزمان وخلّائي
أليس إلى التّحليل كلّ مركّب ... مقدّمة لم يختلف عندها اثنان؟
يدبّر لي الدهر المكيدة في المنى ... فإن قلت قضّاني الخفوق تقاضاني
وليل بقبّابي محلّة قلعة ... أهدرته في ترضّ على مان
أيعقوب، ما حزني عليك بمنقض ... ولا أنس إنسان مصابك أنساني
ولا حالي الحالي على البعد غرّني ... ولا عيشي الهاني على النّأي ألهاني
فمن لي بدمع في المحاجر مهتد ... عليك وقلب في الحناجر حيران
نسبت إلى ماء السماء مدامعي ... فأورت ولي «٢» فيها شقائق نعمان
إذا ما حدت ريح الزّفير سحابها ... ثقالا سقى منها المعاهد عهدان
وقد دان قبل اليوم دمعي خالصا ... ولكن أملّني «٣» على الدّمع إدماني
لقد كنت لي ركنا شديدا وساعدا ... مديدا ومذخورا لسرّي وإعلاني
كسا لحدك الرّيحان والرّوح والرّحا ... فقد كنت روحي في الحياة وريحاني
وجادت على مثواك مزنة رحمة ... يحيّيك منها كلّ أوطف هتّان
وما كان إبراهيم إلّا حديقة ... من الفضل تؤتي أكلها كلّ إنسان
أمين على السّرّ المصون محافظ ... على كتمه إن شاق صدر بكتمان
لئن بليت تلك المحاسن في الثّرى ... فحزني جديد ما استمرّ الجديدان
قراه عليها من نعيم ونضرة ... ولهفي عليه من شباب وريعان
ذكتك وللأيام «٤» سلم وشملنا ... جميع وطرف الدهر ليس بيقظان
وللنّرجس المطلول تحديق أعين ... وللآسة التي بها «٥» ربذ آذان
وللشمس ميل للغروب مرنّح ... ترى راجح «٦» الدّنير في كفّ ميزان