لا تجد فيها راحلة «١» ، وما هو إلّا اتّفاق، ونجح للملك وإخفاق «٢» ، وقلّما كذب إجماع وإصفاق، والجليس الصالح لربّ السّياسة «٣» أمل مطلوب، وحظّ إليه مجلوب، وإن سئل أطرف، وعمر الوقت ببضاعة أشرف، وسرق الطّباع، ومدّ في الحسنات الباع، وسلّى في الخطوب، وأضحك في اليوم القطوب، وهدى إلى أقوم الطّرق، وأعان على نوائب الحقّ، وزرع له المودّة في قلوب الخلق، زاد الله سيدي لديها قربا أثيرا، وجعل فيه للجميع خيرا كثيرا، بفضله وكرمه. ولعلمي بأنّه أبقاه الله يقبل نصحي، ولا يرتاب في صدق صبحي، أغبطه بمثواه، وأنشده ما حضر من البديهة في مسارّة هداه ونجواه:[الكامل]
بمقام إبراهيم عذ واصرف له ... فكرا تؤرّق عن بواعث تعتري «٤»
فلقد أمنت من الزمان وريبه ... وهو المروّع للمسيء وللبري
وإن تشوّف سيدي للحال «٥» ، فلعمر وليّه لو كان المطلوب دنيا لوجب وقوع الاجتزاء، ولاغتبط بما تحصّل في هذه الجزور، المبيعة في حانوت الزّور، من السّهام الوافرة الأجزاء، فالسلطان رعاه الله، يوجب ما فوق مزية التعليم، والولد، هداهم الله، قد أخذوا بحظّ قلّ أن ينالوه بغير هذا الإقليم، والخاصّة والعامة تعامل بحسب ما بلته من نصح سليم، وترك لما بالأيدي وتسليم، وتدبير عاد على عدوّهم «٦» بالعذاب الأليم، إلّا من أبدى السلامة وهو من إبطان الحسد بحال السّليم، ولا ينكر ذلك في الحديث ولا في القديم. لكن «٧» النفس منصرفة عن هذا الغرض، ونافضة «٨» يدها من العرض، قد فوّتت الحاصل، ووصلت في الله القاطع وقطعت الواصل، وصدقت لما نصح الفود النّاصل «٩» ، وتأهّبت للقاء الحمام الواصل، وقلت:[المنسرح]
انظر خضاب الشّباب قد نصلا «١٠» ... وزائر الأنس بعده انفصلا