للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شرعت له من دمع عيني موردا ... فكدّر «١» شربي بالفراق وأظماني «٢»

وأرعيته من حسن عهدي حميمه «٣» ... فأجدب آمالي وأوحش أزماني

حلفت على ما عنده لي من رضى ... قياسا بما عندي فأحنث أيماني

وإنّي على ما نالني منه من قلى ... لأشتاق من لقياه نغبة ظمآن

سألت جنوني فيه تقريب عرشه ... فقست بجنّ الشوق جنّ سليمان

إذا ما دعا داع من القوم باسمه «٤» ... وثبت وما استثبتّ «٥» شيمة هيمان

وتالله ما أصغيت فيه لعاذل ... تحاميته حتى ارعوى وتحاماني

ولا استشعرت نفسي برحمة عابد «٦» ... تظلّل يوما مثله عبد رحمان

ولا شعرت من قبله بتشوّق ... تخلّل منها بين روح وجثمان

أمّا الشّوق فحدّث عنه ولا حرج، وأمّا الصّبر فاسأل «٧» به أيّة درج، بعد أن تجاوز اللّوى «٨» والمنعرج، لكنّ الشّدة تعشق الفرج، والمؤمن ينشق من روح الله الأرج، وأنّى بالصّبر على أبرّ الدّبر، لا بل الضرب الهبر «٩» ، ومطاولة اليوم والشّهر، تحت حكم القهر؟ وهل للعين أن تسلو سلوّ المقصر، عن إنسانها المبصر، أو تذهل ذهول الزّاهد، عن سرّها الرّائي «١٠» والمشاهد؟ وفي الجسد بضعة يصلح «١١» إذا صلحت، فكيف حاله إذا رحلت عنه ونزحت، وإذا كان الفراق وهو الحمام الأول، فعلام المعوّل؟ أعيت مراوضة الفراق، على الرّاق، وكادت لوعة الاشتياق، أن تفضي إلى السّياق «١٢» : [السريع]

تركتموني بعد تشييعكم ... أوسع أمر الصّبر عصيانا

أقرع سنّي ندما تارة ... وأستميح الدمع أحيانا

وربما تعلّلت بغشيان المعاهد الخالية، وجدّدت رسوم الأسى بمباكرة الرسوم البالية، أسأل نون النّوى «١٣» عن أهليه، وميم الموقد المهجور عن مصطليه، وثاء