الذي بحمده ينال المطلوب، وبذكره تطمئنّ القلوب. ومودّتكم المودّة التي غذّتها ثديّ الخلوص بلبانها، وأحلّتها حلائل المحافظة بين أعينها وأجفانها، ومهّدت مواتّ أخواتها «١» الكبرى أساس بنيانها، واستحقّت ميراثها مع استصحاب حال الحياة، إن شاء الله، واتصال أزمانها، واقتضاء عهود الأيام بيمنها وأمانها. ولله درّ القائل «٢» :
[الطويل]
فإن لم يكنها أو تكنه فإنّه ... أخوها غذته أمّه بلبانها
وصل الله ذلك من أجله وفي ذاته، وجعله وسيلة إلى مرضاته، وقربة تنفع عند اعتبار ما روعي من سنن الجبّار ومفترضاته. وقد وصل كتابكم الذي فاتح بالريحان والرّوح، وحلّ من مرسوم الحياة «٣» محلّ البسملة من اللّوح، وأذن لنوافح الثناء بالبوح «٤» ، يشهد عدله بأنّ البيان يا آل خلدون سكن من «٥» مثواكم دار خلود، وقدح زندا غير صلود، واستأثر من محابركم السيّالة وقضب أقلامكم «٦» الميّادة الميّالة بأب منجب وأمّ ولود، يقفو «٧» شانيه غير المشنوّ، وفصيله غير الجرب ولا المهنوّ، من الخطاب السلطاني سفينة منوح «٨» ، إن لم نقل سفينة نوح. ما شئت من آمال أزواج، وزمر من الفضل وأفواج «٩» ، وأمواج كرم تطفو فوق أمواج، وفنون بشائر، وإهطاع «١٠» قبائل وعشائر، وضرب للمسرّات أعيا السّامر «١١» . فلله هو «١٢» من قلم راعى نسب القنا «١٣» فوصل الرّحم، وأنجد الوشيج الملتحم «١٤» ، وساق بعصاه من البيان الذّود المزدحم، وأخاف من شذّ عن الطاعة مع الاستطاعة فقال: لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ
«١٥» . ولو لم يوجب الحقّ برقه ورعده، ووعيده ووعده، لأوجبه يمنه «١٦» وسعده. فلقد ظهرت مخايل نجحه، علاوة على نصحه، ووضحت محاسن صبحه، في وحشة الموقف الصّعب وقبحه، وصل الله له عوائد منحه، وجعله إقليدا