سالمك، بنفيس «١» ما في يدك. وفضّل حاصل يومك على منتظر غدك، فإن أبى وضحت محجّتك، وقامت عليه للناس «٢» حجّتك، فللنفوس على الباغين ميل، ولها من جانبه نيل، واستمدّ «٣» كل يوم سيرة من يناويك، واجتهد أن لا يباريك «٤» في خير ولا يساويك، وأكذب بالخير ما يشنّعه «٥» من مساويك، ولا تقبل من الإطراء إلّا ما كان فيك، فضل عن إطالته، وجدّ يزري ببطالته «٦» . ولا تلق المذنب بحميّتك وسبّك، واذكر عند حميّة «٧» الغضب ذنوبك إلى ربّك. ولا تنس أنّ ذنب «٨» المذنب أجلسك مجلس الفصل، وجعل من «٩» قبضتك رياش النّصل. وتشاغل في هدنة الأيام بالاستعداد، واعلم أنّ التّراخي منذر بالاشتداد. ولا تهمل عرض ديوانك، واختبار أعوانك، وتحصين معاقلك وقلاعك، وعمّ إيالتك «١٠» بحسن اضطلاعك. ولا تشغل زمن الهدنة بلذّاتك، فتجني في الشّدة على ذاتك. ولا تطلق في دولتك ألسنة الكهانة والإرجاف، ومطاردة الآمال العجاف «١١» ، فإنه يبعث سوء القول، ويفتح باب الغول «١٢» . وحذّر على المدرّسين والمعلّمين «١٣» ، والعلماء والمتكلّمين، حمل الأحداث على الشّكوك الخالجة، والزلّات «١٤» الوالجة، فإنه يفسد طباعهم، ويغري سباعهم، ويمدّ في مخالفة الملّة باعهم. وسدّ سبل «١٥» الشّفاعات فإنها تفسد عليك حسن الاختيار، ونفوس الخيار. وابذل في الأسرى من حسن ملكتك ما يرضي من ملّكك رقابها، وقلّدك ثوابها وعقابها. وتلقّ بدء نهارك بذكر الله في ترفّعك وابتذالك، واختم اليوم بمثل ذلك. واعلم أنك مع كثرة حجّابك، وكثافة حجابك، بمنزلة الظّاهر للعيون، المطالب بالدّيون، لشدّة البحث عن أمورك، وتعرّف السّرّ الخفيّ بين آمرك ومأمورك، فاعمل في سرّك ما لا تستقبح أن يكون ظاهرا، ولا تأنف أن تكون به مجاهرا، وأحكم بريك في الله ونحتك، وخف من فوقك يخفك «١٦» من تحتك.