وكم لك بالزّهراء من متردّد ... ووقفة متّسق المجامع مقصد
يسكن من خفق الجوانح باليد ... ويهتك حجب النّاصر بن محمد
ولا هيبة تخشى هنالك وترهب
لنعم مقام الخاشع المتنسّك ... وكانت في محلّ العبشمين المملّك
متى يورد النّفس العزيزة يسفك ... وإن يسم نحو الأبلق الفرد يملك
وأي مرام رامه يتصعّب
قصور كان الماء يعشق مبناها ... فطورا يرى تاجا بمفرق أعلاها
وطورا يرى خلخال أسوق سفلاها ... إذا زلّ وهنا عن ذوائب يهواها
يقول هوى بدرا أو انقضّ كوكب
أتاها على رغم الجبال الشّواهق ... وكلّ منيف للنجوم مراهق
وكم دفعت في الصّدر منه بعانق ... فأودع في أحشائها والمفارق
حسابا بأنفاس الرياح يذرب
هي الخود من قرن إلى قدم حسنا ... تناصف أقصاها جمالا مع الأدنى
ودرج كأفلاك «١» مبنى على مبنى ... توافقن في الإتقان واختلف المعنى
وأسباب هذا الحسن قد تتشعّب
فأين الشّموس الكالفات بها ليلا ... وأين الغصون المائسات بها ميلا
وأين الظّباء «٢» السابحات بها ذيلا ... وأين الثّرى رجلا وأين الحصا خيلا
فوا عجبا لو أن من يتعجّب
كم احتضنت فيها القيان المزاهرا ... وكم فاوحت فيها الرّياض المجامرا
وكم ساهرت فيها الكواكب سامرا ... وكم قد أجاب الطير فيها المزامرا
عظيم من الدنيا شعاع مطنّب
كأن لم يكن يقضى بها النّهي والأمر ... ويجبي إلى خزائنها البرّ والبحر
ويسفر مخفورا بذمّتها الفخر ... ويصبح مختوما بطينتها الدهر
وأيامه تعزى إليها وتنسب