ومالك عن ذات القسيّ النّواضح ... وناصحة تعزى قديما لناصح
وذي أثر على الدهر واضح ... يخبر عن عهد هنالك صالح
ويعمر ذكر الذاهبين ويخرب
تلاقى عليه فيض نهر وجدول ... تصعّد من سفل وأقبل من عل
فهذا جنوبيّ وذلك شمألي «١» ... وما اتفقا إلّا على خير منزل
وإلّا فإن الفضل منه مجرّب
كأنهما في الطّيب كانا تنافرا ... فسارا إلى وصل القضاء وسافرا
ولمّا تلاقى السابقان تناظرا ... فقال وليّ الحق مهلا تظافرا
فكلّكما عذب المجاجة طيّب
ألم يعلما أن اللّجاج هو المقت ... وأن الذي لا يقبل النّصف منبتّ
وما منكما إلّا له عندنا وقت ... فلما استبان الحقّ واتجه السّمت
تقشّع من نور المودة غيهب
وإن لها بالعامريّة لمظهرا ... ومستشرفا يلهي العيون ومنظرا
وروضنا على شطّي خضارة أخضرا ... وجوسق ملك قد علا وتجبّرا
له ترّة عند الكواكب تطلب
أغيّره «٢» في عنفوان الموارد ... وأثبته في ملتقى كل وارد
وأبرزه للأريحيّ المجاهد ... وكلّ فتى عن حرمة الدين زايد
حفيظته في صدره تتلهّب
تقدّم عن قصر الخلافة فرسخا ... وأصحر بالأرض الفضاء ليصرخا
فحالته أرض الشّرك فيها منوّخا ... كذلك من جاس الدّيار ودوّخا
فردعته في القلب تسري وترهب
أولئك قوم قد مضوا وتصدّعوا ... قضوا ما قضوا من أمرهم ثم ودّعوا
فهل لهم ركز يحسّ ويسمع؟ ... تأمّل فهذا ظاهر الأرض بلقع
إلّا أنهم في بطنها حيث غيّبوا «٣»