ألست ترى أن المقام على شفا ... وأن بياض الصّبح ليس بذي خفا
وكم رسم دار للأجنّة قد عفا ... وكأنّ حديثا للوفود معرّفا
فأصبح وحش المنتدى يتجنّب
ولله في الدّارات ذات المصانع ... أخلّاء صدق كالنجوم الطّوالع
أشيع بينهم كلّ أبيض ناصع ... وأرجع حتى لست يوما براجع
فياليتني في قسمتي أتهيّب
أقرطبة لم يثنني عنك سلوان ... ولا بمثل إخواني بمغناك إخوان
وإني إذا لم أسق ماءك ظمآن ... ولكن عداني عنك أمر له شان
وموطني آثار تعدّ وتكتب
لك الحقّ والفضل الذي ليس يدفع ... وأنت لشمس الدّين والعلم مطلع
ولولاك كان العلم يطوى ويرفع ... وكل التّقى والهدى والخير أجمع
إليك تناهى والحسود معذّب
ألم تك خصّت باختيار الخلائف ... ودانت لهم فيها ملوك الطّوائف
وعضّ ثقاف الملك كلّ مخالف ... بكل حسام مرهف الحدّ راعف
به تحقن الآجال طورا وتسكب
إلى ملكها انقاد الملوك وسلّموا ... وكعبتها ندا الوفود ويمّموا
وفيها استفادوا شرحهم وتعلّموا ... وعاذوا بها من دهرهم وتحرّموا
فنكّب عنهم صرفه المتسحّب
علوت فما في الحسن فوقك مرتقى ... هواؤك مختار وتربك منتقى
وجسرك للدنيا وللدّين ملتقى ... وبيتك مربوع القواعد بالتّقى
إلى فضله لأكباب تنضى وتضرب
تولّى خيار التابعين بقاءه ... وخطّوا بأطراف العوالي فناءه
ومدّوا طويلا صيته وثناءه «١» ... فلا زال مخلوع عليه سناءه «٢»
ولا زال سعي الكائدين يخيّب