ولابن زياد شركة في مراده ... ولابن رشيد شرك «١» القلب رائده
هما جرّعا إلى عليّ وقنبر ... أفاويق سمّ لم تنجّد أساوده
أبكي على عمرو ولا عمر مثله ... إذا مشكل أعيا وأعور ناقده
قضى نحبه شرخ الشّبيبة لم يرع ... بشيب ولم تعلق بذامّ معاقده
لقد كان للناس اعتناء بعلمه ... بشرق وغرب تستنار فوائده
والآن فلا شخص على الأرض قارىء ... كتاب أبي بشر ولا هو رائده
سوى معشر بالغرب فيهم تلفّت ... إليه وشوق ليس يخبو مواقده
وما زال منّا أهل أندلس له ... جهابذ تبدي فضله وتناجده
وإنّي في مصر على ضعف ناصري ... لناصره ما دمت حيّا وعاضده
أثار أثير الغرب للنّحو كامنا ... وعالجه حتّى تبدّت قواعده
وأحيا أبو حيّان ميت علومه ... فأصبح علم النحو ينفق كاسده
إذا مغربي حطّ بالثّغر رحله ... تيقّن أنّ النحو أخفاه لاحده
منينا بقوم صدّروا في مجالس ... لإقراء علم ضلّ عنهم مراشده
لقد أخّر التصدير عن مستحقّه ... وقدّم غمر خامد الذهن جامده
وسوف يلاقي من سعى في جلوسهم ... جزاء «٢» وعقبى أكنّت عقائده
علا عقله فيهم هواه فما درى ... بأنّ هوى الإنسان للنار قائده
أقمنا بمصر نحو «٣» عشرين حجة ... يشاهدنا ذو أمرهم ونشاهده
فلمّا ننل منهم مدى الدهر طائلا ... ولمّا نجد فيهم صديقا نوادده
لنا سلوة فيمن سردنا حديثهم ... وقد يتسلّى بالذي قال سارده
أخي إن تصل يوما وبلّغت سالما ... لغرناطة فانفذ لما أنا عاهده
وقبل ثرى أرض بها حلّ ملكنا ... وسلطاننا الشّهم الجميل عوائده
مبيد العدا قتلا وقد عمّ «٤» شرّهم ... ومحيي النّدى فضلا وقد رمّ هامده
أفاض على الإسلام جودا ونجدة ... فعزّ مواليه وذلّ معانده