على ذوي اعتقاده كنت صاحب الفريضة «١» والدّين، دام بقاؤك لطرفة «٢» تبديها، وغريبة تردفها بأخرى تليها، وعقيلة بيان تجلّيها، ونفس أخذ الحزن بكظمها، وكلف الدّهر بشتّ نظمها، تؤنسها وتسلّيها، لم أزل أعزّك الله، أشدّ على بدائعها «٣» يد الضّنين «٤» ، وأقتني درر كلامك، ونفثات أقلامك، اقتناء الدّرّ الثمين، والأيام بلقياك تعد، ولا تسعد، وفي هذه الأيام انثالت عليّ سماوك بعد قحط، وتوالت «٥» عليّ آلاوك على شحط «٦» ، وزارتني من عقائل بيانك كلّ فاتنة الطّرف، عاطرة العرف، رافلة في حلل البيان والظّرف، لو ضربت بيوتها بالحجاز، لأقرّت لنا العرب العاربة بالإعجاز، ما شئت من رصف المبنى، ومطاوعة اللّفظ لغرض المعنى، وطيب الأسلوب، والتّشبّث بالقلوب، غير أن سيّدي أفرط في التّنزّل، وخلط المخاطبة بالتّغزّل، وراجع الالتفات، ورام استدراك ما فات. يرحم «٧» الله شاعر المعرّة، فلقد أجاد في قوله، وأنكر مناجاة الشّوق «٨» بعد انصرام حوله، فقال «٩» : [البسيط]
أبعد حول تناجي الشّوق «١٠» ناجية ... هلّا ونحن على عشر من العشر «١١»
وقد «١٢» تجاوزت في الأمد «١٣» ، وأنسيت أخبار صاحبك عبد الصّمد، فأقسم بألفات القدود، وهمزات الجفون السّود، وحاملي «١٤» الأرواح مع الألواح، بالغدوّ والرّواح، لولا بعد مزارك، ما أمنت غائلة ما تحت إزارك. ثمّ إنّي حقّقت الغرض، وبحثت عن المشكل الذي عرض، فقلت: للخواطر انتقال، ولكلّ مقام مقال، وتختلف الحوائج باختلاف الأوقات، ثم رفع اللّبس خبر الثّقات.