فقلت: حسبي بقلبي في تذكّره ... فقال: لي القلب والأفكار ملك يدي
قلت الوصال حياتي منك يا أملي ... قال الوصال فراق الروح للجسد
فقلت: أهلا بما يرضى الحبيب به ... فإنّ قلبي لا يلوى على أحد
ومن أقواله الصّوفية، وكلها تشير إلى ذلك المعنى: [الطويل]
ركبنا مطايا شوقنا نبتغي السّرى ... وللنّجم قنديل يضيء لمن سرى
وعين الدّجى قد نام لم يدر ما بنا ... وأجفاننا بالسّهد لم تطعم الكرى
إلى أن رأينا اللّيل شاب قذاله ... ولاح عمود الفجر غصنا منوّرا
لمحنا برأس البعد نارا منيرة ... فسرنا لها نبغي الكرامة والقرا
وأفضى بنا السير الحثيث بسحرة ... لحانة دير بالنواقس دورا
فلمّا حللنا حبوة السير عنده ... وأبصرنا القسّيس قام مكبّرا
وحرّك ناقوسا له أعجم الصّدا ... فأفصح بالسّر الذي شاء مخبرا
وقال لنا: حطّوا حمدتم مسيركم ... وعند الصّباح يحمد القوم السرى «١»
نعمتم صباحا ما الذي قد أتى بكم ... فقلنا له: إنا أتيناك زوّرا
وراحتنا في الرّاح إن كنت بائعا ... فإنّ لدينا فيه أربح مشترى
فقال لكم: عندي مدام عتيقة ... مخلّدة من قبل آدم أعصرا
مشعشعة كالشمس لكن تروحنت ... وجلّت عن التجسيم قدما فلا ترى
وحلّ لنا في الحين ختم فدامها ... فأسدى لنا مسكا فتيقا وعنبرا
وقلنا: من السّاقي فلاح بوجهه ... فأدهش ألباب الأنام وحيّرا
وأشغلنا عن خمره بجماله ... وغيّبنا سكرا فلم ندر ما جرى
ومن شعره في المعنى: [البسيط]
يا نائما يطلب الأسرار إسرارا ... فيك العيان ونبغي بعد آثارا
أرجع إليك ففيك الملك مجتمع ... والفلك والفلك العلوي قد دارا
أنت المثال وكرسي الصّفات فته ... على العوالم إعلانا وإسرارا
والطّور والدّرّ منثورا وقد كتبت ... أقلام قدرته في اللّوح آثارا