قصودي إليكم والورود عليكم ... ومنكم سهودي والوجود إذا عدت «١»
وفي غيبتي عنّي حضوري لديكم ... وعند امتحان الرّسم والمحو أثبتّ
وفي فرقتي الباني بحقّ جمعتني ... وفي جمع جمعي في الحقيقة فرّقت
تجلّيت «٢» لي حتى دهشت مهابة ... ولما رددت اللّحظ بالسّرّ لي عشت
موارد حقّ بل مواهب غاية ... إذا ما بدت تلك البداءة لي تهت
لوائح أنوار تلوح وتختفي ... ولكن وميض البرق ليس له ثبت
ومهما بدت تلك الطّوالع أدهشت ... وإن غيّبت تلك اللّوامع أظلمت
وهيهات هيبات الجلال تردّني ... وعند التجلّي لا محالة دكدكت
نسفن جبالي فهي قاع وصفصف «٣» ... وليس يرى فيهنّ زيغ ولا أمت
ولي أدمع أجّجن نار جوانحي ... ولي نفس لولاه من حبّكم ذبت
ألا فانظروا قلب العيان حقيقة ... فنائي وجودي «٤» والحياة إذا متّ
مراتب في التّلوين نلت جميعها ... وفي عالم التّمكين عن كلّها بنت
وعند قيامي عن فنائي وجدتكم ... فلا رتبة علويّة فوق ما نلت
ورود وشرب ثم لا ريّ بعده ... لئن كنت أروى من شرابك لا كنت
شربت كئاس «٥» الوجود مدامة ... فلست أجلّي عن ورود متى شئت
وكيف وأقداح العوالم كلّها ... ولكنني «٦» من صاحب الدّير أسكرت
تعلّق قوم بالأواني وإنّني ... جمال المعاني لا المغاني علّمت
وأرضعت كأسا لم تدنّس بمزجها ... وقد نلتها صرفا لعمري «٧» ما ضعت
شراب بها الأبرار طاب مزاجهم ... وأرضعتها صرفا لأنّي قرّبت
بها آدم نال الخلافة عندما ... تبدّت له شمسا لها نحوه سمت
ونجت لنوح حين فرّ لفلكه ... ومن بان عن أسرارها لي «٨» عمد الموت