للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في غيره ولو فقيرًا (١٨)، وإن دُفع إلى الغارم؛ لفقره: جاز أن يقضي منه

السنة القولية، وهي من وجهين: أولهما: قوله : "لا تحل لغني إلا لخمسة .. " وذكر منهم "الغارم" فأثبت جواز إعطاء الغارم من الزكاة وإن كان غنيًا؛ لأن الاستثناء من النفي إثبات، ولم يُفرِّق بين من دفع من ماله أو لا ثانيهما: أن قبيصة قال: تحمَّلتُ حمالة فأتيتُ النبي فقال: "أقم حتى تأتينا الصدقة فآمر لك بها" وهذا عام؛ حيث إنه لم يستفصل: هل هو غني أو فقير؟ فلزم أن تُعطى للغارم وإن كان غنيًا، أو دفع من ماله؛ لأن ترك الاستفصال عن الحال ينزل منزلة العموم في المقال، فإن قلتَ: لمَ يُعطى الغارم من الزكاة مع غناه؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه حثُ الناس على إصلاح ذات البين، وهو: إصلاح حال الوصل الفاسد بين جماعتين، لئلا يضرُّ ذلك بالسادات المصلحين، أو يُضعف من عزائمهم، وفيه التكافُل والتعاون الاجتماعي بتسديد دين العاجز عن سداد دينه، أو مات قبل ذلك، وفيه تحسين الإسلام في أنظار الكفار فيتسبَّب في إسلامهم فإن قلتَ: لا يعطى الغني الغارم إذا دفع من ماله وهو ما ذكره المصنِّف هنا؛ للتلازم؛ حيث إن سداده من ماله يلزم منه سقوط الغرم، فلا يكون مدينًا قلتُ: إن الغارم يُعطى وإن سدَّد من ماله؛ لعموم القاعدتين السابقتين، فلم يخصص ذلك بشيء، ثم إن سداده من ماله يضرُّه فشُرع إعطاؤه من الزكاة لدفع ذلك الضرر فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض التلازم مع الكتاب والسنة" فنعمل بعمومهما وهم خصَّصوا ذلك بالتلازم.

(١٨) مسألة: إذا أُعطي شخص من الزكاة؛ لكونه غارمًا فقط: فلا يجوز له أن يصرف ذلك إلا لما غرمه فقط، وعليه: فلا يجوز أن يصرف ما أُعطي لأكله أو شُربه أو مسكنه وإن كان فقيرًا مُحتاجًا إليه؛ للتلازم؛ حيث إن المعطي للزكاة قد نوى إعطاء ذلك الشخص لكونه غارمًا: يلزم منه أن يصرف ما أعطاه إياه =

<<  <  ج: ص:  >  >>