للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بغِنَى (٢٧) (ويجوز صرفها) أي: الزكاة (إلى صنف واحد)؛ لقوله تعالى: ﴿وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ ولحديث معاذ - حين بعثه النبي إلى اليمن - فقال: "أعلمهم أن الله قد افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فتردَّ على فقرائهم" متفق عليه، فلم يذكر في الآية والخبر إلا صنفًا واحدًا (٢٨)، ويُجزئ

الصَّدقات وإن كان فقيرًا، وأن يحرص كل الحرص على أن يعمل عملًا وإن كانت أجرته قليلة؛ حيث إن هذا أعزُّ وأكرم له؛ للسنة القولية؛ وهي من وجهين: أولهما: قوله: "لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه" ثانيها: قوله: "من يستعفف يُعفُّه الله، ومن يستغن يُغنه الله" فإن قلتَ: لمَ استحب ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن الاستعفاف والاستغناء عما في أيدي الأغنياء والسلاطين يؤدِّي إلى عز الإسلام والمسلمين.

(٢٧) مسألة: إذا ادَّعى شخص أنه فقير، أو أنه صاحب عيال: فإنه يُصدَّق، فلا تُطلب البينة على ذلك، ويُعطى من الزكاة بشرط: عدم معرفته بالغِنَى؛ للكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ﴾ وهذا الشخص بادِّعائه الفقر يدخل تحت عموم تلك الآية، فيلزم إعطاؤه لعدم معرفتنا له بالغنى، فإن قلتَ: لمَ شُرع هذا؟ قلتُ: لأن الأصل في المسلمين الصدق، ولمشقة إثبات البينة على ذلك.

(٢٨) مسألة: يجوز أن يُعطى الشخص جميع زكاة ماله لصنف واحد كالفقراء مثلًا، ويُستحب أن يجتهد في الأحوج لها منهم فيُقدِّمه في العطاء منها كما نص عليه الإمام مالك؛ لقواعد: الأولى: الكتاب: حيث قال تعالى: ﴿وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ﴾، الثانية: السنة القولية؛ حيث قال : " … فترد على فقرائهم" حيث لم يذكر إلا صنفًا واحدًا في النَّصَّين وهم: الفقراء، فيلزم جواز صرفها لهم فقط، الثالثة: قول الصحابي؛ حيث إن صرفها إلى صنف واحد قد روي عن عمر، =

<<  <  ج: ص:  >  >>