للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاقتصار على إنسان واحد، ولو غريمه، أو مكاتبه إن لم يكن حيلة؛ لأنه أمر بني زريق بدفع صدقتهم إلى سلمة بن صخر، وقال لقبيصة: "أقم يا قبيصة حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها" (٢٩) (ويُسنُّ) دفعها (إلى أقاربه الذين لا تلزمه مؤنتهم) كخاله، وخالته، على قدر حاجتهم: الأقرب فالأقرب؛ لقوله : "صدقتك على ذي القرابة صدقة وصلة" (٣٠) فصل: (ولا) يُجزئ أن (تُدفع إلى هاشمي) أي: من

وحذيفة، وابن عباس ، فإن قلتَ: لمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه دفع مشقة تقسيمها على كل صنف من الثمانية.

(٢٩) مسألة: يجوز أن يُعطى زيد زكاة ماله لعمرو الفقير: سواء كانت كثيرة أو قليلة، وسواء كان عمرو غريمًا لزيد - بأن كان زيد يطلبه دينًا - أو لا، وسواء كان عمرو عبدًا مكاتبًا لزيد - بأن اشترى عمرو نفسه من زيد - أو لا، بشرط: أن لا يكون إعطاء زيد زكاة ماله لعمرو حيلة من زيد لينتفع بزكاة ماله؛ للسنة القولية وهي من وجهين: أولهما: أنه قد أمر بني زريق أن يدفعوا بزكاتهم لسلمة بن صخر، وهو واحد، ثانيهما: أنه قال لقبيصة: "أقم عندنا حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها" وهو واحد، وهي كثيرة، والنَّصان مُطلقان؛ حيث لم يُقيَّدا بشيء من كون المعطي غريمًا، أو مكاتبًا، فإن قلتَ: لمَ جاز ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه توسعة على المسلمين، وسد حاجة ذلك الفقير الواحد، ودفع مشقة تقسيمها على الثمانية، فإن قلتَ: لمَ اشتُرط ذلك الشرط؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه سدُّ الذرائع والحيل التي تجعل المزكِّي ينتفع بزكاة ماله؛ لقطع طمعه والعود في شيء مما أخرجه بكل طريق، وهذا من محاسن الإسلام كما قال ابن القيم.

(٣٠) مسألة: يُستحب أن يُعطي المسلم زكاة ماله قريبه المستحق لها الذي لا تجب نفقته عليه، أما إن كان ليس مستحقًا لها أو كان مستحقًا ولكنه ممن تجب =

<<  <  ج: ص:  >  >>