للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كل يوم واجب)؛ لأن كل يوم عبادة مُفردة لا يفسد صومه بفساد صوم (٥١)

ومثلهما: الوطء؛ لعدم الفارق من باب "مفهوم الموافقة"، الثانية: السنة القولية؛ وهي من وجهين: أولهما: قوله : "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" حيث حصر الأعمال الصحيحة شرعًا بأنها التي تُنوى ويُقصد بها وجه الله، والصوم عمل، فيشمله عموم هذا الحديث؛ لأن لفظ "الأعمال" جمع معرَّف بأل وهو من صيغ العموم، ومعروف أن المتردَّد والشَّاك بالنية كمن لم ينو شيئًا؛ لكونه أبطلها بذلك الشك، ثانيهما: قوله : "من لم يُبيِّت الصيام من الليل فلا صيام له" حيث دلَّ هذا على أن من لم ينو الصيام من الليل وصام فلا صحّة لصيامه، ودل بمفهوم الشرط على صحَّة صيام من نوى من الليل وهذا عام لأول الليل ووسطه وآخره؛ لأن "الليل" اسم جنس معرف بأل، وهو من صيغ العموم في الأزمان، ولفظ "الصيام" اسم جنس معرف بأل وهو من صيغ العموم، فيشمل جميع أنواع الصيام: الفرض، والنفل، ولكن خُصِّص صوم النفل وأجيز بلا نية بالسنة الفعلية؛ حيث إنه قد نوى صوم النفل في النهار، فإن قلتَ: لِمَ وجبت النية هنا؟ قلتُ: لأن كل يوم عبادة مستقلة فيجب أن تفرد بالنية.

(٥١) مسألة: يجب أن يُعيِّن لكل يوم نية خاصة به كأن ينوي في الليل أنه سيصوم غدًا السبت مثلًا، فإذا أفطر ينوي أنه سيصوم غدًا الأحد وهكذا، ويكفي في ذلك أن يخطر بباله أنه صائم غدًا بأي جزء من أجزاء الليل؛ للتلازم؛ حيث إنه يلزم من كون صوم كل يوم عبادة منفردة: أن يجعل له نية منفردة، فإن قلتَ: تكفي نية واحدة تجزئ عن جميع الشهر إذا لم يقطعها، وهو قول كثير من الحنفية؛ للقياس، بيانه: كما أن الصلاة تكفي عنها نية واحدة فكذلك شهر =

<<  <  ج: ص:  >  >>