للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيرها؛ لقول عائشة : يا رسول الله: لقد أهدي لنا حيس، فقال: "أرنيه فلقد أصبحتُ صائمًا فأكل"، رواه مسلم وغيره، وزاد النسائي بسند جيد: "إنما مثل صوم التطوع مثل الرجل يخرج من ماله الصدقة فإن شاء أمضاها، وإن شاء حبسها" وكُره خروجه منه بلا عذر (ولا قضاء فاسده) أيَّ: لا يلزم قضاء ما فسد من النفل (٢٤) (إلا الحج) والعمرة فيجب إتمامهما؛ لانعقاد الإحرام لازمًا، فإن

(٢٤) مسألة: لا يجب إتمام النفل من صوم وصلاة بمجرَّد الشروع والدخول فيه، وبناء على ذلك: يُباح الخروج من النفل متى شاء، بلا عذر، ولا إثم، ولا يقضي ما فسد منه؛ لقاعدتين؛ الأولى: السنة الفعلية؛ حيث إنه قد صام تطوعًا، فأكل في النهار وهذا مطلق؛ حيث لم يرد أنه بعذر أو لا، ولم يرد أنه قضاه ولا بيَّن وجوب قضائه، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، الثانية: فعل الصحابي؛ حيث ثبت عن ابن عباس وابن عمر وابن مسعود أنهم كانوا يُصبحون صائمين تطوعًا، ثم يُفطرون بالنهار، وهذا مطلق، فلم يرد أن ذلك كان بعذر أو لا، ولم يرد عنهم أنهم قضوا ذلك، فإن قلتَ: لِمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه تيسير المندوبات، وإعانة على تكثيرها؛ إذ التوسعة في الشيء يُسهِّل أمر إيقاعه؛ إذ لو وجب النفل بالشروع فيه لشق ذلك على الناس، فإن قلتَ: إن النفل يلزم بالشروع فيه، وإذا أفسده بلا عذر فيجب قضاؤه وهو قول أبي حنيفة وكثير من العلماء، وتبعهم ابن عثيمين؛ للسنة القولية؛ حيث قال لعائشة : "اقضيا يومًا مكانه" لما قالتا له إنا أصبحنا، صائمتين فلما أهدي إلينا حيس أفطرنا عليه في النهار، والأمر هنا للوجوب؛ لأنه مطلق، ولا يمكن ذلك إلا إذا كان النفل يلزم بالشروع فيه قلتُ: هذا الحديث ضعيف بناء على قول كثير من أئمة الحديث، وعلى فرض قوته: فيُحمل الأمر هنا على أمر الاستحباب فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض السنة القولية مع الفعلية" فنعمل بالسنة =

<<  <  ج: ص:  >  >>