للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مجنونًا (٢١) (وتُملك الغنيمة بالاستيلاء عليها في دار الحرب) وتجوز قسمتها فيها؛ لثبوت أيدينا عليها، وزوال ملك الكفار عنها، و"الغنيمة": ما أُخذ من مال حربي قهرًا بقتال، وما أُلحق به، مشتقة من الغنم، وهو: الربح (٢٢) (وهي لمن شهد الوقعة)

(٢١) مسألة: إذا مات أبوا الصبي -وهما كافران- وذلك في دار الإسلام، أو بلغَ في دار الإسلام وهو مجنون: فلا يُحكم عليه بأحكام الإسلام، وهو مذهب الجمهور، بل يكون تابعًا لأقاربه الكفار؛ للاستقراء؛ حيث إنه قد ثبت بعد الاستقراء والتتبُّع لأحوال الكفار من أهل الذِّمَّة: أنهم لما ماتوا وتركوا صبيانًا: فإن الصحابة ومن جاء بعدهم من الخلفاء والولاة لم يحكموا على هؤلاء الصبيان بأحكام الإسلام، بل تركوهم على ما هم عليه، والمجانين مثلهم، فإن قلتَ: إن الصبي أو من بلغ مجنونًا هنا يُحكم عليه بأحكام الإسلام قلتُ: لم أجد دليلًا قويًا على ذلك.

(٢٢) مسألة: تُملك الغنيمة -وهي: كل مال أخذ من كافر حربي قهرًا بقتال، وما ألحق به مما أخذ بفداء أو أهدي لأمير أو نائبه- بعد الاستيلاء عليها في دار الحرب، وتُقسَّم بعد انتهاء المعركة مباشرة؛ لقواعد: الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا﴾ الثانية: السنة القولية؛ حيث قال : "وأُحلَّت لي الغنيمة" فيلزم من إحلالها ملكيتها، الثالثة: السنة الفعلية؛ حيث إنه كان لا يرجع من غزوة إلا بعد أن يُقسِّم الغنيمة على من قاتل معه؛ الرابعة: التلازم، حيث إن الاستيلاء على ذلك المال بسبب شرعي، وهو: الجهاد، وطرد الكفار عنها وقهرهم: يلزم منه ثبوت أيدينا عليها وإزالة ملك الكفار عنها، فإن قلتَ: لمَ شُرعت الغنيمة في الإسلام؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن المجاهد إذا علم أنه سيجمع في الجهاد بين أجر الآخرة، وأجر الدنيا: مما يغنيه عن غيره، أو يُغني أولاده، أو يكون له صدقة جارية: فإنه سيُقاتل قتالًا شديدًا، يكون فيه النصر للمسلمين بإذن الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>