للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(نقلت الحق إلى ذمة المحال عليه وبرئ المحيل) بمجرَّد الحوالة، فلا يملك المحتال الرجوع على المحيل بحال: سواء أمكن استيفاء الحق أو تعذَّر لمطل أو فلس أو موت، أو غيرها (٩)، وإن تراضى المحتال والمحال عليه على خير من الحق، أو دونه في الصفة أو القدر، أو تعجيله، أو تأجيله، أو عوضه: جاز (١٠) (ويُعتبر) لصحّة الحوالة (رضاه) أي: رضى المحيل؛ لأن الحق عليه، فلا يلزمه أداؤه من جهة الدَّين على المحال

الحوالة، وإن فضل شيء من دين بكر على محمد، للتلازم؛ حيث يلزم من اتفاق ما وقعت فيه الحوالة: صحتها، والفاضل في الصورتين يكون لربِّ الدَّين الأصلي.

(٩) مسألة: إذا اجتمعت شروط الحوالة الستة - كما سبق في مسألتي (٣ و ٧) وكما سيأتي في مسائل (١١ و ١٢ و ١٣ و ١٥): فإنه بمجرَّد ذلك تنقل الحق - وهو المال المحال به - من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه، وبذلك تبرأ ذمة المحيل، ولا يملك المحال حينئذٍ الرجوع إلى المحيل مطلقًا: أي: سواء أمكن استيفاء الحق، أو تعذَّر بسبب مطل المحال عليه، أو إفلاسه، أو موته؛ للقياس؛ بيانه: كما أن المحال لو أبرأ المحيل من دينه: فإن ذمَّة المحيل تبرأ، فكذلك ذمة المحيل تبرأ إذا أحال المحال على المحال عليه، ورضي المحال والجامع: أنه في كل منهما تحوَّل الحق عن المحيل برضى المحال، فلا حق عليه لأحد، وهذا هو المقصود من مشروعية الحوالة.

(١٠) مسألة: إذا تمَّت الحوالة بشروطها، ووقع اتفاق بين المحال، والمحال عليه على شيء أكثر من الحق - وهو المال المدين -، أو أقل في صفته، أو قدره، أو تعجيل المؤجَّل منه، أو تأجيل المعجَّل، أو أن يأخذ المحال عوضًا عن الدَّين، وتراضيا على ذلك: فإن هذا يصح؛ للتلازم؛ حيث إنه لما تمَّت الحوالة بشروطها: أصبح الحق لهما يستطيع أحدهما إسقاطه عن الآخر برضاه، فيلزم جواز ذلك؛ لكون الحق لا يتعدَّاهما، (فرع): إن أخذ المحال عوضًا عن الدين من المحال عليه فلا بدَّ أن يكون هذا العوض من جنسه، فإن كان من غير جنسه فيشترط فيه التقابض في مجلس العقد - كما قلنا في ربا النسيئة -.

<<  <  ج: ص:  >  >>