للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شهيد معركة، (٩) ومقتول ظلمًا - ويأتي - (١٠) (و) الخامس (حيض و) السادس (نفاس) ولا خلاف في وجوب الغسل بهما قاله في "المغني"، فيجب بالخروج،

(٩) مسألة: من قاتل في سبيل الله ومات في المعركة فهو شهيد: لا يُغسَّل ولا يصلى عليه؛ للسنة القولية؛ حيث إنه "أمر بشهداء أحد أن يُدفنوا بدون غسل ولا صلاة" وهذا الأمر بعدم غسلهم ورد بعد النهي عن دفنهم بدون غسل فيقتضي الإباحة، فإن قلتَ: لِمَ شرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إنه لو وجب غسل شهيد المعركة: لَلَحِق أكثر المسلمين ضيق ومشقة؛ لأنهم إذا اشتغلوا بغسلهم انشغلوا عن عدوهم فباغتهم وأضرَّ بهم، وإن انشغلوا بقتال عدوهم: ظهرت روائح كريهة من هؤلاء الشهداء، فإكرامًا لهم ولغيرهم، وإبقاء لأثر هذه العبادة وهي الدماء عليهم: شرع عدم غسلهم.

(١٠) مسألة: إذا قتل المسلم ظلمًا: فإنه يُغسل ويُصلَّى عليه كغيره، وهو مذهب الجمهور؛ للقياس، بيانه: كما أن من مات مبطونًا يُسمى شهيدًا ومع ذلك يغسل ويصلى عليه فكذلك من مات مقتولًا ظلمًا مثله، والجامع: أن كلًا منهما يسمى شرعًا شهيدًا؛ حيث قال : "من مات دون أهله فهو شهيد .. " إلى قوله: "والمبطون شهيد" فإن قلتَ: إن هذا لا يُغسَّل وهو ما ذكره المصنف هنا؛ للقياس، بيانه: كما أن شهيد المعركة لا يُغسَّل فكذلك هذا لا يُغسَّل والجامع: أن كلًا منهما قتل دون وجه حق، ويُسمَّى شهيدًا قلتُ: هذا القياس فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق؛ حيث إن شهيد المعركة، ذهب باختياره ويشق غسله على المسلمين - كما سبق - بخلاف المقتول ظلمًا: فإنه قد أكره على القتال والمدافعة، ولا يشق غسله؛ لكونه نادر الوقوع، ومع الافتراق: لا قياس، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض القياسين" فنحن ألحقناه بمن قُتل مبطونًا؛ لكونه أكثر شبهًا به، وهم ألحقوه بشهيد المعركة؛ لأنه أكثر شبهًا به عندهم وهذا هو قياس الشبه، أو "غلبة الأشباه".

<<  <  ج: ص:  >  >>