للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غسل (بغير وضوء) فإن توضأ: جاز اللبث فيه (١٧) ويمنع منه مجنون وسكران، ومن

﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا﴾ حيث إن النهي في قوله: "ولا جنبا" مطلق، وهو يقتضي التحريم، واستثنى من ذلك عابري السبيل وهو: الخاطر المجتاز؛ لحاجته لذلك - كما قال مالك والشافعي - وأثبت إباحة العبور لأن الاستثناء من النفي إثبات، وإباحة، الثانية: قول الصحابي؛ حيث إن ابن عباس وابن مسعود كانا يرخِّصان في العبور، والرخصة لا تكون إلا عند الحاجة، الثالثة: التلازم؛ حيث إن العادة قد جرت على أن المسلمين يجعلون مكانًا يصلون فيه على الجنائز، ولا يصلون فيه الصلاة العادية؛ لكونه لا يسلم من بعض النجاسات التي تخرج من الميت فيلزم من ذلك جواز عبور ذلك المكان واللبث فيه لمن عليه حدث أكبر؛ لعدم الفارق بين النجاسات، فإن قلت: لِمَ حُرم عبور المساجد على من عليه حدث أكبر لغير الحاجة، وأبيح للحاجة؟ قلتُ: لتكريم مساجد الله، ولتكريم من يصلون ويسجدون فيه من أن يلوث بشيء ممن يسقط ممن عليه حدث خاصة الحائض ونحوها، وأبيح للمصلحة؛ حيث إن بعض الناس قد يحتاج للعبور، فإن قلتَ: يباح للحاجة ولغير الحاجة - كما ذكر المصنف هنا - قلتُ: لم أجد دليلًا قويًا على هذا الإطلاق.

(١٧) مسألة: لا يجوز لمن عليه غسل - كالجنب - أن يجلس ويلبث في المسجد مطلقًا بلا وضوء، فإن توضأ الجنب ونحوه: جاز له الجلوس فيه؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال : "لا أحل المسجد لحائض ولا جنب" حيث صرَّح هنا بعدم جواز جلوس الجنب والحائض في أيِّ مسجد، والكافر والنفساء كالحائض والجنب؛ لعدم الفارق من باب "مفهوم الموافقة"، الثانية: قول الصحابي؛ حيث قال زيد بن أسلم: "كان الرجل من أصحاب رسول الله جنبًا فيتوضأ ثم يدخل المسجد فيتحدَّث" فيلزم من التحدُّث في المسجد: الجلوس فيه عادة، وفعل الصحابي هذا قد خصّص عموم الحديث السابق، فإن =

<<  <  ج: ص:  >  >>