(فعل الأرفق به من) جمع (تأخير) بأن يؤخر الأولى إلى الثانية (و) جمع (تقديم) بأن يُقدِّم الثانية فيُصليها مع الأولى؛ لحديث معاذ السابق، فإن استويا: فالتأخير أفضل، (٥٢) والأفضل بعرفة: التقديم، وبمزدلفة: التأخير مطلقًا، وترك الجمع في سواهما أفضل، (٥٣)
كما أن المسافر الذي قد لا يجد مشقة في سفره يُباح له القصر والفطر والجمع، فكذلك هذا الشخص يُباح له الجمع والجامع: أن كلًا منها رخص عامة شُرعت في حالة يغلب وجود المشقة فيها، وهذا هو المقصد منه.
(٥٢) مسالة إذا أراد أن يجمع صلاتين: فالأفضل أن يفعل الأرفق والأيسر والأسهل عليه، فإن كان الأرفق به: جمع التقديم: فعله، وإن كان الأرفق به جمع التأخير: فعله بدون حرج، وإن استويا عنده: فالأفضل جمع التأخير؛ لقاعدتين: الأولى: السنة الفعلية؛ حيث كان النبي ﷺ يفعل الأنسب والأرفق به وبالمؤمنين -كما سبق في حديث معاذ وأنس ﵁- الثانية: المصلحة؛ حيث إن جمع التأخير يُحقق المحافظة على المواقيت للصلوات، وهذا أحوط.
(٥٣) مسألة: إذا أراد أن يجمع صلاة الظهر مع العصر في عرفة: فالأفضل أن يصليهما في وقت الظهر، وإذا أراد أن يجمع المغرب مع العشاء في مزدلفة: فالأفضل أن يصليهما في وقت العشاء، أما في غير هذين الموضعين من أعمال الحج فالأفضل ترك الجمع؛ للسنة الفعلية؛ حيث إنه ﷺ قد فعل ذلك في الحالات الثلاث التي ذُكرت هنا، فإن قلتَ: لِمَ كان الأفضل ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن في جمع التقديم في عرفة: إيجاد وقت للعبادة في آخر يوم عرفة، وفي جمع التأخير في مزدلفة: إيجاد وقت للسير من عرفة إلى مزدلفة، وفي ترك الجمع في غيرهما من أعمال الحج: الاحتياط للعمل في أحاديث المواقيت.