للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيره، (٥٦) وإن انقطع السفر في الأولى: بطل الجمع والقصر مطلقًا: فيُتمُّها وتصح،

القولية حيث قال : "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" وهذا عام، فيشمل ما نحن فيه لأن "الأعمال" جمع معرف بأل وهو من صيغ العموم؛ حيث إن الجمع عمل، فلا بد أن ينوى قبل البدء بذلك العمل، ولا تصح نية الجمع إلا إذا وجد السبب والعذر المبيح للجمع وعند السلام منها؛ لأن الجمع بلا عذر: لا يصح، الثانية: السنة الفعلية؛ حيث إنه لما جمع الصلاتين والى بينهما وأتبع الثانية الأولى، ولم يُعهد عنه أنه فرق بينهما، فإن قلتَ: لمَ اشترطت تلك الشروط؟ قلتُ: لأن الجمع عبادة، ولا تصح أيُّ عبادة بلا نية، ولأن اتباع الثانية بالأولى هو الذي يُحقق الغرض الذي من أجله شُرع الجمع وهو: التخفيف على العباد، ولأن افتتاح الأولى هو موضع نية الجمع، وافتتاح الثانية هو: موضع الجمع نفسه فيلزم اعتبار العذر في هذين الموضعين، فإن قلتَ: لا تشترط الموالاة وهو قول كثير من العلماء، ومنهم ابن تيمية؛ للتلازم؛ حيث إن المراد بالجمع هو: الجمع في الوقت، وهذا يلزم منه: أن يصح الجمع وإن لم تتصل الثانية مع الأولى، قلتُ: هذا فيه نظر؛ لمخالفته للمقصد الشرعي من مشروعية الجمع، وهو: الرفق والتخفيف على الناس؛ إذ لو فُرِّق بينهما لكانت قريبة من الصلاة المعتادة، وهذا لم يقصده الشارع عند مشروعية الجمع كما سبق، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "الخلاف في تحقيق المقصود من الجمع" فعندنا: لا يتحقق إلا إذا صُلِّيت الثانية بعد الأولى مباشرة، وعندهم: يتحقق إذا صُلِّيت الثانية في وقت الأولى مطلقًا.

(٥٦) مسألة: إذا جمع بسبب مطر، أو بَرَد أو ثلج: فلا يُشترط دوام ذلك إلى الفراغ من الثانية؛ للتلازم؛ حيث يلزم من المطر ونحوه: وجود وَحْل وطين رطب بعده =

<<  <  ج: ص:  >  >>