للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مبنية بما جرت العادة، فلا تتم من مكانين متقاربين، ولا تصح من أهل الخيام، وبيوت الشعر ونحوهم؛ لأن ذلك لم يُقصد للاستيطان غالبًا، وكانت قبائل العرب حوله ولم يأمرهم بها، (٢٩) وتصح بقرية خراب عزموا على

أربعين، فلو لم يكن هذا العدد مشترطًا لما أقرهم عليه، فيلزم اشتراطه؛ لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، ويبعد عدم علم النبي بذلك؛ لكونه من العبادات، فإن قلتَ: لمَ اشتُرط هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن هذا العدد يحصل فيه الغرض الذي من أجله شرعت الجمعة وهي: حضور الاجتماع، وإظهار الإسلام، فإن قلتَ: إن العدد المشترط: هو اثنا عشر رجلًا من أهل وجوبها؛ للسنة التقريرية؛ حيث إن عدد الذين بقوا معه في المسجد -لما جاءت العير والتجارة- اثنا عشر رجلًا، وأقرهم النبي على ذلك، قلتُ: إنه صح عند البيهقي والدارقطني أن الباقين: أربعون، وعلى فرض أن الباقين إثنا عشر: فإنه يُحتمل أن الذين خرجوا قد عادوا، ويُحتمل أنه دخل غيرهم، فحضروا أركان الخطبة والصلاة، وإذا تطرق الاحتمال إلى الدليل: بطل به الاستدلال، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض السنتين التقريريتين" وأيضًا "الخلاف في عدد الباقين بعد خروج من خرج لما رأوا التجارة من مسجده " فعندنا: أربعون، تنبيه: حديث جابر الذي ذكره المصنف ضعيف لا يُحتج بمثله كما قال البيهقي.

(٢٩) مسألة: في الثالث -من شروط صحة انعقاد الجمعة- وهو: أن يكون من تلزمهم الجمعة قد أقاموا واستوطنوا بلدًا لا يرحلون منه صيفًا ولا شتاء، وهو الذي يُبنى من طين أو حجر أو إسمنت أو سعف، ونحو ذلك مما جرت العادة الاستيطان بمثله، وبناء عليه: فلو اجتمع أربعون من بلدين متقاربين، أو من أهل خيام وبيوت شعر: فلا جمعة عليهم؛ للسنة التقريرية؛ حيث إنه كان =

<<  <  ج: ص:  >  >>