للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موضع بالبلد)، لأنه وأصحابه لم يُقيموها في أكثر من موضع واحد (إلا لحاجة) كسعة البلد، وتباعد أقطاره، أو بعد الجامع، أو ضيقه، أو خوف فتنة فيجوز التعدُّد بحسبها فقط؛ لأنها تُفعل في الأمصار العظيمة في مواضع من غير نكير، فكان إجماعًا ذكره في "المبدع" (٧٨) (فإن فعلوا) أي: صلُّوها في موضعين أو أكثر بلا حاجة: (فالصحيحة: ما باشرها الإمام، أو أذن فيها) ولو تأخرت، وسواء قلنا إذنه شرط أو لا، إذ في تصحيح غيرها: إفتيات عليه وتفويت الجمعته (فإن استويا في إذن أو عدمه: فالثانية باطلة)؛ لأن الاستغناء حصل بالأولى فأنيط الحكم بها، ويُعتبر السبق

سورة الجمعة تبشير المؤمنين، وفي سورة المنافقين توبيخ لمن فعل كفعلهم، وفي سورة "السجدة" و"الإنسان" ذكر للموت، وخلق آدم وحشر العباد، وفي ذلك تذكير لمن يصلي بما كان وما سيكون، فيقوى بذلك إيمانه.

(٧٨) مسألة: تحرم إقامة صلاة الجمعة والعيد في أكثر من موضع من بلد واحد بلا حاجة، أما إن وُجدت حاجة لذلك مثل كثرة سكان، أو ضيق مكان، أو بُعْد بعض أحياء البلد عن بعض، أو الخوف من حصول فتنة وحرب إذا اجتمعوا: فإنه يُباح أن يصلوا في موضعين أو أكثر على حسب الحاجة؛ لقواعد: الأولى: السنة الفعلية، حيث كان يقيمها في موضع واحد، الثانية: إجماع الصحابة؛ حيث كان الصحابة يقيمونها في موضع واحد، الثالثة: المصلحة؛ حيث إن دفع المضرة يقتضي إقامتها في أكثر من موضع، فإن قلتَ: إنه في آخر عهد النبي كثر الناس، وكذا في عهد الصحابة ومع ذلك كانوا يجتمعون في مسجد رسول الله قلتُ: إن كثرة الناس في عهد النبي أو الصحابة لم تبلغ درجة حاجتهم إلى إقامتها في موضع آخر، ثم إن الصحابة كانوا يحرصون على الصلاة مع النبي ، والتابعون كانوا يحرصون على الصلاة مع الصحابة؛ للاستفادة من مخالطتهم ومشاركتهم الصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>