أحدها: أنهم اتفقوا على أن رجوع الضمير في مثل قول القائل: ضرب زيد عمرا وضربته، إلى عمرو أولى من رجوعه إلى زيد، ولا يحتمل ذلك لمناسبة معنوية، فإنه لو قدم المفعول وأخر الفاعل، لكان عود الضمير إلى زيد أولى من عوده إلى عمرو، وليس ذلك للقرب.
وثانيها: أنهم اتفقوا على أن ما يلي الفعل، يجب أن يكون هو الفاعل إذا كان هو والمفعول مقصورين، ولم يكن في الكلام قرينة تدل على أن أحدهما بالفاعلية أولى من الآخر، وليس ذلك إلا للقرب.
وثالثها: أنهم اتفقوا في مثل قولهم: أعطي زيد بكرا خالدا، على أن بكرا أولى بأن يكون مفعولا أو لا لأعطي، وليس ذلك إلا للقرب.
ورابعها: أنا لو لم نعلقها بالجملة الأخيرة، لزم خرق الإجماع، لأن كل من علقه بجملة واحدة [قال]: إن تلك الجملة هي الجملة الأخيرة، فالقول بأنه يتعلق بجملة واحدة غيرها خلاف الإجماع.
وجوابه: أنا لا نسلم أنه خلاف الأصل، قوله: لأنه تخصيص خاص.
قلنا: ممنوع على رأي من يقول: إن الاستثناء مع المستثنى منه كاللفظ الواحد الدال على ما بقى بعد الاستثناء.
سلمنا: ذلك لكن دليلكم منقوص بالاستثناء بمشيئة الله تعالى وبالشرط، فإن كل واحد منهما خلاف الأصل لرفع مقتضى الكلام الأول، بل هما أولى بذلك.