المراد من الخطاب، بأن تمام الشهر غير مراد من الخطاب، وأن الفعل غير مراد التكرار، وإن كان ظاهر الخطاب قد أشعر به حتى لو دل الخطاب على وجوب الصوم وفعله في تمام الشهر، وفي الوقت الثاني والثالث بطريق التنصيص عليه لم يجز نسخه أيضا عندنا، فكان ذلك كالتخصيص فلم يتوارد الأمر والنهي على شيء واحد، بخلاف النسخ ابتداء قبل دخول الوقت فإنه لا يمكن حمله على التخصيص فيتوارد الأمر والنهي على شيء واحد قطعا.
فاعلم أن هذا الفرق لو صح فإنما يصح بين العبادة المتكررة، كصلاة الظهر في ظهر كل يوم، والعبادة المتماثلة كصوم شهر، وبين المتنازع فيه فأما بينه وبين العبادات المختلفة، كما لو قال: صل (في) الصبح ركعتين، وفي الظهر أربعا، فإن نسخ الظهر قبل دخول وقته ولو بعد صلاة الصبح نسخ قبل دخول الوقت فتكون القصة حجة، وإنما عقلنا صحة الفرق بقولنا: لو صح لأنه لم يجز إطلاق الشهر وإرادة يوم أو يومين، وما نقل عن القوم [في] جواز نسخ ما إذا قال الله تعالى: واصلوا الفعل سنة قبل مضي تمام السنة فهو محمول على الفعل المتكرر والمماثل لا على المختلف الذي يمكن التعبير عنه بعبارة واحدة حتى يمكن أن يجعل كالعام فيتطرق إليه التخصيص وقيام وقت البعض منه مقام البعض الآخر تعبد.