لا يجوز أن يكون الإجماع ناسخًا له، وتقريره من حيث الإجمال، والتفضيل، أما الأول: فلأن المسألة لا تتصور إلا إذا اقتضى القياس حكمًا ثم يحصل الإجماع بعده، على خلاف ذلك الحكم فيزول وحكم القياس وهو ليس من النسخ في شيء، لأن شرط صحة العمل بالقياس، أن لا يحصل الإجماع، فإذا حصل الإجماع على الحكم فقد زال شرط صحة العمل بالقياس، وزوال الحكم لزوال شرطه ليس بنسخ.
وأما من حيث التفصيل: فلأن ذلك الإجماع الناسخ له إن لم يكن عن دليل كان خطأ، وإن كان عن دليل، فإن كان نصًا فالناسخ لحكم القياس هو النص لا الإجماع، وإن كان قياسًا إذ لا يمكن أن يكون إجماعًا لما سبق، فإن كان عن قياس راحج كان الحكم الأول باطلاً إذ العمل بالدليل المرجوح مع وجود الدليل الراحج باطل، وحينئذ [لم] يتحقق الناسخ، وإن لم يكن القياس راجح سواء كان لمرجوح أو لمساوي، فحينئذ يكون الإجماع على خلاف ذلك الحكم باطلاً، أما إذا كان القياس مرجوح فظاهر، وأما إذا كان لمساوى فكذلك لأن مقتضاه التخيير أو التساقط، وعلى التقديرين الجزم بمقتضى أحد المتساويين باطل.
واحتج المخالف فيه: وهو عيسى بن ابان وبعض المعتزلة: