وإنما دونت كتب الفقه لمعرفة مواقع الخلاف والوفاق، وطرق الدلالة على المسائل، وما قيل فيها، فإن نظر المجتهد إذ ذاك لا شك أتم.
وخامسها: أنهم إذا اختلفوا في واقعة واستمروا عليها، وأفتوا بذلك فقد اتفقوا ضمنًا على جواز الأخذ بكلا القولين، فلو انعقد الإجماع على أحد القولين، فإما أن يكون ذلك مانعًا من جواز الإفتاء بالقول الآخر أو لا يكون. والقسمان باطلان، لبطلان أحد الإجماعين فما يفضى إليه أيضًا كذلك.
وجوابه: ما سبق، وأيضًا النقض بالإجماع بعد الخلاف وقبل استقراره وهذا يختص بمن سلم الحكم فيه، فأما من لا يسلم الحكم فيه كالصيرفي فلا يصح هذا الجواب بالنسبة إليه.
وسادسها: أنه قد مضى أن الأمة إذا اختلفت في المسألة على قولين فإنه لا يجوز لمن بعدهم إحداث قول ثالث، والقطع على قول واحد غير القولين لهم، ضرورة أن كل واحد منهما غير مقطوع به فيكون غير جائز.
وجوابه: أنه غير باعتبار الصفة دون اعتبار الذات، والممنوع إنما هو الأول دون الثاني.
سلمناه لكن بينا أنه غير ممنوع عنه مطلقًا.
سلمناه، ولكن متى لم يجز إحداث قول ثالث إذا كان الإجماع منعقدًا على عدم جوازه مطلقًا، أم إذا كان مشروطًا بشرط؟
الأول مسلم، والثاني ممنوع، فلم لا يجوز أن يقال: إنه مشروط بعدم اتفاق الكل على قول واحد؟
وسابعها: لو كان قولهم إذا اتفقوا - بعد الاختلاف - حجة لكان قول إحدى الطائفتين إذا ماتت الأخرى حجة. وفيه كون القول بالموت حجة.