من يستحيل عليه الجهل؛ لأن الخبر يقوم بالنفس على وفق العلم، والجهل على الله محال فيستحيل عليه الكذب أيضا، وإذا استحال الكذب في الكلام النفساني استحال في هذا المسموع أيضا؛ ضرورة أنه معبر عنه ومطابق له.
بقي أن يقال: فبماذا تعرف المطابقة؟ قلنا: بقول الرسول - عليه السلام - وصدق قول الرسول - عليه السلام - لا يتوقف على هذه المطابقة حتى يتوهم الدور؛ لأنه ليس معجزا بهذا الاعتبار وإلا لزم أن تكون سائر الكتب المنزلة معجزات وليس كذلك بل هو معجز باعتبارات أخر على ما عرف ذلك في موضعه وحينئذ لا يلزم الدور. فظهر أن هذه الحجة ليست مغالطة كما زعمه الإمام - رحمه الله -.
فإن قلت: ما الدليل على أنه يستحيل الكذب في الكلام النفساني على من يستحيل عليه الجهل فإن هذا ليس بديهيا حتى لا تطلب بينته؟
قلت: لأن الكذب في الكلام النفساني هو أن يكون خبر غير مطابق قائما بنفس المتكلم ولا معنى للجهل إلا هذا.
وأما المسلك الذي اختص به القائلون بالتحسين والتقبيح فهو: أن الكذب قبيح - والله تعالى - لا يفعل القبيح، لعلمه بقبحه واستغنائه عنه.
واعترض عليه الإمام: بأنه ليس المراد من الكذب المحكوم عليه بالقبح