قلنا مسلم لكن لا لخصوص الاتعاظ بل لعموم المجاورة والانتقال وهو لا يضرنا؛ لأنه لا يلزم منه أن يكون حقيقة في الاتعاظ لخصوصه مع أنه مستعمل في حقيقته.
قوله في الوجه الثالث: أنه لا يطلق المعتبر على القائس بل يصح نفيه عنه.
قلنا: لا نسلم؛ وهذا لأنه يصح أن يقال: إن فلانًا يعتبر الأشياء العقلية بغيرها، فهو معتبر في هذا الباب.
سلمنا أنه لا يطلق عليه لكن لا يدل ذلك على أنه ليس بحقيقة فيه باعتبار ما فيه من المجاوزة والانتقال؛ لأن اللفظ العام قد لا يستعمل بإطلاقه في بعض ما يدخل تحته كالحيوان في الإنسان، هذا لو سلم أن عدم إطلاق اللفظ على معنى يدل على أنه ليس بحقيقة فيه بحسب الخصوصية، فإن فيه كلامًا من حيث إن الحقيقة قد تهجر لموانع، وأما صحة النفي فلا نسلم أنه يدل على التجوز والكلام فيه مر في اللغات.
سلمنا لكن لا نسلم صحة النفي مطلقًا بل لخصوص كونه قائسًا أي القائس لخصوص كونه قائسًا غير معتبر، ولا يلزم منه صحة النفي باعتبار ما فيه من المجاوزة والانتقال.
سلمنا صحة النفي مطلقًا لكن على وجه الحقيقة أو على وجه المجاز؟ والأول ممنوع؛ وهذا لأنا بينا أن فيه معنى الاعتبار فكيف يصح نفيه عنه على وجه الحقيقة، والثاني مسلم لكن لا يدل ذلك على أنه مجاز فيه، فإنه يصح سلب الإنسان عن قليل المروءة والدين مع أنه ليس بمجاز فيه بل هو إنسان حقيقة، ثم المسوغ لهذا النفي أن المقصود الأعظم من الاعتبار إنما هو العمل