وأما اختلافهم في تلك المسائل وغيرها فلا نسلم أنه كان بناء على القياس، ولم لا يجوز أن يكون ذلك لنصوص ظنت دليلًا عليها سواء أصابوا في ذلك أو أخطأوا، أو لوجوه دلالتها من/ (١٤٠/ أ) مفهومها الموافق، أو المخالف، أو إشارتها، أو اقتضائها، وحمل المطلق منها على المقيد، وترجيح الخاص منها على العام، وترجيح الواحد منها على الآخر بوجوه من التراجيح الخفية؟
قوله: لو كان كذلك لأظهروه.
قلنا: متى يجب ذلك إذا كان ما تمسكوا به ظاهرًا جلى الدلالة قاطع المتن، أو قريبًا منه يغلب على الظن انتفاع السامع به، أو مطلقًا؟
والأول مسلم، فلعل ما تمسكوا به في تلك المسائل لم يكن بهذه الصفات ولذلك لم يظهروه.
والثاني ممنوع؛ وهذا فإن بتقدير أن يكون ضعيف المتن، خفى الدلالة، لا فائدة في إظهاره إذ الخصم ربما ينازع في متنه، وفي دلالته فلا فائدة في إظهاره فلا يجب ذلك.
سلمنا ذلك لكنه معارض بمثله، فإنه لو كان ذهابهم إلى ما ذهبوا إليه لأجل القياس لأظهروه، لكنهم لم يظهروا ذلك وإلا لنقل واشتهر، ووصل إلى الموافق والمخالف، ولما لم يكن كذلك علمنا أنهم لم يظهروه كما ذكرتم في النص حذو القذة بالقذة فلم يكن ذلك للقياس فليس الاستدلال بهذا الطريق على نفي النص أولى من الاستدلال به على نفى القياس وعليكم الترجيح لأنكم المستدلون.