قلت: لا نسلم؛ وهذا لأنه ليس من الوقائع الكبار التي يمتنع أن لا تتوفر الدواعي على نقلها، وحينئذ يجوز أن لا ينقل.
قوله: نعلم من حالهم شدة الحث على نقل النصوص حتى نقلوا منها ما لا يتعلق به غرض فهذا أولى بذلك.
قلنا: هذا يقتضي أولوية النقل لا وجوبه، فلم قلتم أنه يجب نقله [فلعله لم ينقل وإن كان أولى بالنقل].
سلمنا وجوب نقله لكن من السلف أو مطلقًا؟
والأول مسلم، لكن ذلك لا يوجب وصوله إليه لاحتمال أن يقال: إنهم نقلوا ذلك لكن الخلف أخلوا بذلك النقل.
والثاني ممنوع؛ وهذا فإن شدة الاهتمام على النقل إنما هو معلوم من حال السلف دون الخلف، وأما نقل ما لا يتعلق به غرض لا يرد نقضًا؛ لأنا لا نقول: أن كل ما لا تتوفر الدواعي على نقله فإنه يمتنع نقله [حتى يرد ذلك نقضًا علينا بل نقول: إنه لا يجب نقله] وهو غير مستلزم له؛ لأن العام لا يستلزم الخاص.
سلمنا أنه مما تتوفر الدواعي على نقله، لكن ندعي أن ذلك مما يقتضي نقله متواترًا، أو ندعي أنه يقتضي نقله في الجملة ولو بطريق الآحاد، والأول ممنوع؛ وهذا لأن ساذر معجزات الرسول- عليه السلام- غير القرآن العظيم مع جلالة قدرها، وغرابة أمرها لم تنقل نقلًا متواترًا.