أحدهما: أنه لو انتفى من الراجحة شيء فمن الظاهر أنه لا ينتفي إلا قدر المرجوحة وإلا لزم الانتفاء أو الترجيح بلا سبب لكن ذلك باطل لما سبق في المتساويين.
وثانيهما: أنه ليس انتفاء بعض الراجح بالمرجوحة وبقاء بعضه أولى من انتفاء الباقي وبقاء المنتفي، فإما أن ينتفي الكل وهو باطل لما سبق، أو لا ينتفي منه شيء، وهو أيضًا باطل لما سيأتي في القسم الثاني ولأنه يلزم منه خلاف التقدير.
وأما القسم الثاني وهو أن لا ينتفي من الراجحة شيء فهو أيضًا باطل؛ لأنه يلزم أن تكون المفسدة المعارضة بالمصلحة المرجوحة كالمفسدة الخالصة عن شوائب المصلحة وهو باطل قطعًا.
وجوابه: أنا لا نسلم أن على تقدير تساوي المناسبتين ليس إبطال أحدهما بالأخرى أولى من العكس؛ وهذا لأن إبطال مناسبة المفسدة أولى لما أن دفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة، وإبطال مناسبة المصلحة بأعمال مناسبة المفسدة [أولى لما أن دفع المفسدة] بأن لا يفعل ذلك الفعل للمصلحة حتى لا توجد المفسدة، ولما أن العقلاء يعدون فعل ما فيه مفسدة مساوية للمصلحة أو راجحة عليها عبثًا وسفهًا فإن من سلك مسلكًا يفوت درهمًا ويحصل آخر مثله أو أقل منه فإنهم يعدونه عابثًا وسفيهًا.
قوله في/ (١٧٧/ أ) القسم الثاني: إنه لا منافاة بينهما فلا يلزم التفاسد.
قلنا: نعم لا منافاة بين المناسبتين من حيث إنه يجوز أن يكون الفعل الواحد مشتملًا على المصلحة والمفسدة معًا، لكن بينهما منافاة بالغرض وهي