منافاة الإفضاء إلى المقصود؛ فإن جلب المصلحة وإن كان مقصودًا لكن دفع المفسدة أيضًا مقصود، وفعله لغرض الإفضاء إلى المصلحة يفضى إلى حصول المفسدة، وتركه لأجل دفع المفسدة يفضى إلى ترك المصلحة وكل واحد منهما لا يحصل على وجه يكون مقصودًا فكان بينهما منافاة من هذا الوجه.
وثانيها: أن الشارع قد رتب على الشيء الواحد أحكامًا مختلفة لما فيه من المناسبة المختلفة كما في الصلاة في الدار المغصوبة والبيع في وقت النداء، فإنه قد رتب عليهما الثواب والملك من حيث الصلاة والبيع، ورتب عليهما العقاب من حيث كونها في الغصب، وكونه في وقت النداء فرتب [على جهتى المصلحة والمفسدة مقتضاهما وذلك] يدل على إعمالها وعدم بطلانهما بتعارضهما من حيث إن المصلحة والمفسدة إن كانتا متعارضتين بأن كانتا متساويتين وجب أن يندفع كل واحد منهما بالآخر، فلا تبقى مصلحة ولا مفسدة وحينئذ يجب أن لا يترتب عليهما مقتضاهما وقد ترتب هذا خلف.
وإن كانت إحداهما أرجح من الأخرى فيكون الحاصل حينئذ مقتضى الراجح دون المرجوح فكان يجب أيضًا أن لا يترتب الأمران عليهما معًا وقد ترتبا هذا خلف.
وجوابه: أن هذا ليس من قبيل ما نحن فيه؛ وهذا لأن النزاع إنما هو فيما إذا كانت المناسبتان لازمتين لفعل الشيء بحيث لا ينفك الشيء عنهما وما نحن فيه ليس كذلك؛ لأن مناسبة كون الصلاة في الدار المغصوبة يقتضى عدم صحتها غير لازمة لفعل الصلاة من حيث هي صلاة، كما أن مناسبة كونها صلاة سببًا للثواب لازمة لها وكذا القول في الصلاة الثانية فلم يحصل