وأما من لم يقل بجواز تخصيص العلة: فمنهم من يقول ببطلان المناسبة بالمعارضة والعمل بأحدهما عندها إنما هو بالترجيح.
ومنهم من لم يقل بذلك كالإمام فإنه لا يرى تخصيص العلة وقال ببقاء المناسبتين عند التعارض.
تنبيه
إذا عرفت أن المناسبة تبطل بالمعارضة فعند التعارض لا يعمل بأحدهما إلا بالترجيح، والترجيح قد يكون تفصيليًا يختلف باختلاف المسائل ولا يمكن إيراده في هذا المقام، وقد يكون احتماليًا لا يختلف باختلاف المسائل فيطرد في الكل وهو كما يقال: الحكم في الأصل مضاف إلى المصلحة الفلانية، وهي راجحة على ما عارضها من المفسدة وإلا لزم أحد الأمور الثلاثة وهو: إما أن يكون الحكم مضافًا إلى عين تلك المصلحة المرجوحة، أو إلى مصلحة أخرى غير تلك المصلحة المرجوحة، أو لا يكون مضافًا إلى مصلحة أصلًا بل يكون الحكم تعبديًا والأقسام الثلاثة باطلة فبطل أن لا تكون المصلحة راجحة.
أما الأول؛ فلأن العمل بالمرجوح مع وجود الراجح غير جائز؛ لأنا إنما نتكلم تفريعًا على أن المناسبة تبطل بالمعارضة، فكان يجب أن لا يرتب في صورة تلك المصلحة المرجوحة حكم، وحيث رتب الحكم دل على أنه غير مضاف إلى المصلحة المرجوحة.
أما الثاني فلأنا بحثنا وفتشنا فلم نجد فيه غير ذلك الوصف المشتمل على المصلحة الفلانية وذلك يدل ظاهرًا على عدم حصوله فيه.