وثالثها: أن الناس إذا شاهدوا من إنسان أنه يغضب عند الدعاء باسم مخصوص، وإذا دعى بغيره لم يغضب، وتكرر ذلك مرة بعد أخرى، فإنه يحصل لهم ظن أنه إنما يغضب لكونه يدعى بذلك الاسم المخصوص؛ ولهذا لو سئلوا عن ذلك لعللوا به، حتى إن الصبيان الذين هم ليسوا من أهل النظر والفكر يعلمون ذلك؛ ولهذا إذا أرادوا إغضابه يدعونه بذلك الاسم المخصوص متتبعين له في الدروب والسكك، ويعللونه به عند السؤال عن ذلك، ولولا أن الدوران يفيد ظن العلية وإلا لما حصل لهم ذلك الظن.
وأيضًا: إذا ثبت أن الدوران في هذه الصورة يفيد ظن العلية، وجب أن يكون في غيرها كذلك أما أولًا، فلقوله تعالى:{إن الله يأمر بالعدل} والعدل هو التسوية، ولم تحصل التسوية بينهما إلا إذا اشترك كلها في إفادة الظن بالعلية.
وأما ثانيًا: فلأن الأصل أن يترتب الحكم على المقتضي والمقتضي لذلك الظن على ما تقدم إنما هو الدوران فوجب أن يثبت ذلك الظن حيث يثبت الدوران.