أحدها: أنه لا معني للدوران إلا الطرد والعكس، والطرد وحده لا يفيد العلية، لأن حاصله يرجع إلى سلامة الوصف عن النقض، وسلامته عن مفسد واحد لا يوجب سلامته عن/ (١٨٦/ أ) كل مفسدة، ولو سلم ذلك لكن لا يلزم من سلامة الشيء عن مفسدات الشيء صحته لذلك، فإنه كما يعتبر في كون الوصف علة عدم مفسدات العلة يعتبر أيضًا وجود المقتضي لعليته، بل اعتبار هذا مقدم على اعتبار ذلك، والطرد من حيث هو طرد لا إشعار له بالعلية ألبتة، بل إشعاره بعد النقض كما تقدم، فثبت أن الطرد وحده لا يفيد العلية، والعكس غير معتبر في العلل الشرعية وفاقًا فمجموعها أيضًا كذلك.
وجوابه: إن حكم المجموع قد يخالف الآحاد، فلا يلزم من عدم علية كل واحد منهما عدم علية المجموع، ألا ترى أن كل واحد من أجزاء العلة ليس بعلة مع أن مجموعها علة.
وثانيها: أن الحكم في صور الدورانات الوجودية والعديمة ما دار مع المشترك بين تلك الصور فقط بل معه وما يخص كلا منهما، فلو دل الدوران على العلية فإنما يدل على علية المجموع الذي هو غير مشترك بين الصور كلها فيتعذر الاستدلال به على العلية، فالحاصل أن ما دل الدوران على عليته، أنتم لا تقولون بعليته، وما تقولون بعليته لا يدل الدوران على عليته.