وجوابه: إن جعل الدوران مفيدًا لعلية المشترك أولى، لأن المختص إن لم يصلح للعلية فظاهر، وإن صلح فكذلك؛ لكونه أكثر فائدة، ولجهة ورود الأمر بالقياس.
لا يقال: التعليل بالمجموع المركب من المشترك والمختص أولى؛ لأن فيه تعدد مدارك الحكم وهو أولى من المتحد؛ لأنه أقرب إلى تحصيل مقصود الشارع من الحكم، لأنا نقول: يعارضه أن التعليل بالمشترك تعليل العلة المتعدية. والمطردة والمنعكسة وهو أولى مما ليس كذلك.
وثالثها: أن الدوران قد حصل في مواضع ولا علية، وذلك يدل على أنه غير مفيد للعلية.
بيان الأول: أن العلة تدور مع المعلول وجودًا وعدمًا مع أن المعلول ليس بعلة وأحد المعلولين المتساويين يدور مع الآخر ولا علية، والفصل يدور مع معلول النوع كلوازم معلولات النوع ولا علية؛ لأن المعلوم لا يصير علة علته، وكذا تدور مع العلية مع جزء العلة وشرطها ولا علية، وذات الله تعالى وصفاته متلازمان نفيًا وإثباتًا ولا علية هناك على رأينا، وكذا الجوهر والعرض والمتلازمان، والحوادث مع الزمان والمكان يتلازمان من غير علية أحدهما للآخر، وكذا غيرها من الصور التي يوجد الدوران فيها منفكًا عن العلية مما يطول استقصاؤها فثبت أن الدوران حاصل في محال من غير علية.
بيان الثاني من وجهين:
أحدهما: لو كان الدوران مفيدًا للعلية مع أنه يوجد في بعض الصور منفكًا عنها، فإما أن يقال: أن تخلف العلية عنه لمانع أو لا لمانع، والقسمان باطلان فبطل أن يكون الدوران مفيدًا للعلية.
أما الأول، فلأنه يلزم منه التعارض وهو خلاف الأصل.
وأما الثاني، فلأنه يلزم منه تخلف المقتضي عن المقتضي لا لمانع وذلك يقدح في كونه مقتضيًا، وأيضًا فإن كونه مقتضيًا للعلية في بعض الصور دون