للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورابعها: أن بعض الصحابة قال بتخصيص العلة، روى عن ابن مسعود- رضي الله عنه- أنه كان يقول: "هذا حكم معدول به عن القياس".

وعن ابن عباس- رضي الله عنه- مثله، واشتهر ذلك فيما بين الصحابة ولم ينكر عليهما أحد فكان إجماعًا، ومن الظاهر أنه لا يجوز أن يتناول [ذلك صور التخصيص بلا سبب لأنه يلزم حينئذ أن يكون الحكم] بذلك الحكم المعدول به عن القياس لا عن دليل بل بمجرد التشهي وهو باطل قطعًا؛ فإن الحكم لا عن دليل باطل فكيف إذا كان على مخالفة دليل آخر فيتعين أن يكون المراد منه ما إذا كان ذلك لمانع يقتضي ذلك الحكم المعدول به عن سنن القياس.

وما يقال عليه: وهو أنهم، وإن قالوا بذلك لكنهم لم يقولوا بأن ذلك القياس حجة فهو وإن كان إشكالًا قويًا على هذا المسلك.

لكن يمكن أن يجاب عنه بأن نقول: إنه أطلق عليه القياس وهو يشعر إشعارًا ظاهرًا بكونه حجة، وتسميته بذلك اعتبارًا بما كان قبل ذلك الحكم المعدول به مجاز على خلاف الأصل والقياس الغير المعمول به من المنسوخ والفاسد لا نسلم أن يسمي قياسًا إذ ذاك على الإطلاق في العرف، وإن سمى به مقيدًا.

وخامسها: أن اقتضاء العلة للحكم في محل، إن لم يتوقف على اقتضائه في محل آخر فقد حصل الغرض وهو أن يكون مقتضيًا له في محل وإن لم يكن مقتضيًا له في محل آخر وإلا لكان متوقفًا عليه، ونحن نتكلم على خلاف

<<  <  ج: ص:  >  >>