حاجة الفقير، وإنما فعل كذا لمصلحة كذا، أو لدفع مفسدة كذا فوجب أن يجوز شرعًا للحديث.
وأما الثاني فالدليل عليه من وجهين:
أحدهما: أنه لو جاز التعليل بالحكمة مطلقًا لما جاز التعليل بالوصف لكن ذلك جائز بالإجماع، فوجب أن لا يجوز التعليل بالحكمة مطلقًا، بيان الملازمة: أن العلة بمعني الداعي إلى الحكم، أو المؤثر فيه إما بجعل الشارع مؤثرًا فيه، أو بذاته على اختلاف فيه، أو بمعني المعرف، إنما هو الحكمة، لا الوصف، والعلم بذلك جلي غني عن البيان، فإنه وإن فسرت العلة بالمعرف فلا شك في أنه يعتبر فيها المناسبة وهي بالحكمة، إذ الوصف لا يكون مناسبًا ما لم يعرف اشتماله على الحكمة فالتعليل بالوصف إنما هو لكونه مشتملًا على الحكمة فعليته لعلية/ (٢١٦/ أ) الحكمة، فلو جاز التعليل بالحكمة مطلقًا لما جاز التعليل بالوصف، لأن كل ما يقدح في التعليل بالحكمة يقدح في التعليل بالوصف من غير عكس، ضرورة أن القادح في الأصل قادح في الفرع من غير عكس، فالتعليل بالوصف مع إمكان التعليل بالحكمة تكثير لإمكان الغلط من غير حاجة، وزيادة مشقة وحرج على المكلف من حيث أنه يجب عليه البحث عنه والنظر فيه، وكل ذلك ينافي مقتضي حكمة الشارع ونصوصه النافية للحرج والمشقة.
وثانيهما: أن الحكمة إذا كانت خفية مضطربة مختلفة باختلاف الصور والأشخاص، والأزمان، والأحوال، فإنه لا يمكن معرفة ما هو مناط الحكم إلا بالبحث الشديد، والنظر الدقيق، ونحن نعلم بالاستقراء من ذات الشارع رد الناس في مثل هذا إلى المظان الظاهرة الجلية دفعًا للتخبيط، وإزالة