بأن يقال: هذا الوصف علة لما ثبت، وكل ما ثبتت العلة فيه يجب ثبوت الحكم فيه: فيجب ثبوت الحكم في هذه الصورة لثبوت العلة فيه، فنحن نمنع أن يكون ذلك قياسًا لما سيأتي، هذا إذا عرفت عليه الجامع بالاستنباط، أما إذا عرفت بالتنصيص فإن كان ذلك في صورة مخصوصة بأن قال: علة هذا الحكم هذا الوصف لزمت المماثلة أيضًا، وإن لم يكن كذلك بل نص على العلية مطلقًا بأن: قال علة الحكم الفلاني الوصف الفلاني فنحن لا نسلم أن إثبات ذلك الحكم في موارد ذلك الوصف قياس؛ وهذا لأن ما نحن فيه وهو قياس الفقهاء قياس تمثيلي، وهذا الذي ذكرتموه من الصورة ليس منه في شيء؛ لأنه ليس فيه إلحاق صورة بصورة بل هو إثبات للحكم في صورة جزئية بقاعدة كلية، وهو قياس المقدمتين والنتيجة فحينئذ كون حكم الفرع مثلا لحكم الأصل ركن في القياس لا شرط.
قلت: لا منافاة بين ما ذكرتم وبين ما ذكرنا؛ فإن ما ذكرنا هو أنه شرط الفرع، وما ذكرناه من التحديد وما ذكرتم من الدلالة يقتضى أن يكون ركنًا في القياس، ولا امتناع في أن يكون الشيء ركنًا لمجموع ويكون شرطًا لبعض أجزائه كقراءة الفاتحة فإنها ركن في الصلاة، وشرط لصحة القيام، وكذلك التشهد بالنسبة إلى القعود بل أركان الصلاة كلها بهذه المثابة فإن بعضها شرط لصحة بعضها بمعنى أن صحة بعضها لا يوجد بدون صحة البعض الآخر.
الشرط الثالث: أن يكون خاليًا عن معارض راجح يقتضى نقيض ما اقتضته علة القياس، وهذا على رأى من يجوز تخصيص العلة، فأما من لم يجوز ذلك فلا يتصور اعتباره على رأيه، وهذا في الحقيقة ليس شرطًا للفرع الذي يقاس بل للفرع الذي يثبت فيه الحكم بمقتضى القياس.
الرابع: أن لا يكون حكم الفرع منصوصًا عليه، وهذا ظاهر إذا كان ذلك