للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحكم المنصوص عليه على خلاف القياس وإلا لزم تقديم القياس على النص وهو ممتنع، فأما إذا كان على موافقته، فإما أن يكون النص الدال على ثبوت حكم الفرع بعينه الذي دل على حكم الأصل أو غيره.

فإن كان الأول فالقياس ينبغي أن يكون باطلاً أيضًا؛ لأنه ليس جعل تلك الصورة أصلاً والأخرى فرعًا أولى من العكس؛ لأن نسبة دلالة النص على حكمها على السواء؛ لأن التمسك به مستدرك؛ لأنه لا يفيد فائدة زائدة أصلاً، ولأنه جار مجرى إثبات حكم الأصل بالعلة المستنبطة فيكون إثباتًا للأصل بالفرع، فإن العلة في محل النص فرع والحكم أصل على ما تقدم بيانه.

وأما إذا كان غيره فالقياس جائز فيه عند الأكثرين؛ لأن ترادف الأدلة على المدلول الواحد جائز لإفادة زيادة الظن بخلاف ما إذا كان النص الدال على حكم الأصل والفرع واحد فإن القياس في هذه الصورة لا يفيد زيادة الظن أصلاً؛ لأن العلة المستنبطة من الحكم الذي هو ثابت في الأصل والفرع بمقتضى نص واحد على حد سواء فرعه فلا يفوته؛ لأن الفرع لا يؤكد أصله، بخلاف ما إذا كان النص الدال على حكميهما متغايرين فإن العلة المستنبطة من حكم الأصل ما هي فرع الحكم الثابت في الفرع لنصه.

ومنع بعضهم من قياس المنصوص عليه مطلقًا محتجين بقصة معاذ -رضي الله عنه -فإنها تدل على مشروعيته عند فقدان النص، وتدل على عدم مشروعيته عند وجدان النص؛ لأن الحكم في حديث معاذ -رضي الله عنه -معلق بكلمة إن، وقد ثبت أن المعلق بكلمة إن عدم عند عدمه، فدل على أن الحكم بالقياس عند وجدان النص غير جائز، وبأن الدليل ينفي العمل

<<  <  ج: ص:  >  >>