أما الأول فظاهر، فإن من به مرض وهو قادر على كسب المال لو اشتغل به دون إزالة المرض فإن العقلاء. يستقبحون رأيه ويعدونه من الحمقى البالغين في الحماقة.
وأما الثاني، فلأن القتال يصير فرض عين إذا قصدنا الكفار لكون ذلك دفعا للمفسدة ويصير فرض كفاية إذا قصدناهم لكون ذلك جلبا للنفع، ولأن الإجمال في النهي أقل لقلة محامله وهو التحريم فقط، أو الكراهة فقط، أو كل واحد منهما أما بطريق البدلية، أو بطريق المعية على. اختلاف في اللفظ المشترك، أو القدر المشترك بينهما بخلاف الأمر فإن محامله كثيرة على ما عرفت ذلك في اللغات، وما لا إجمال فيه أو قل فهو أولى من الذى فيه الإجمال أو كثر فيه الإجمال.
ولأن الإتيان بمقتضاه أسهل من الإتيان بمقتضى الأمر فكان أولى لقوله عليه السلام، "بعثت بالحنيفية السهلة السمحة" الحديث.
الثاني والعشرون إذا كان أحد الخبرين أمرًا والآخر مبيحًا فالمبيح أولى. وقيل بترجيح الأول.
احتج القائلون بترجيح الإباحة بوجوه:
إحداها: أنه لو رجح الأمر على المبيح لزم منه تعطيل المبيح بالكلية، ولو رجح المبيح عليه لزم تأويل الأمر بصرفه عن ظاهره إلى المحل البعيد وهو الإباحة، ومعلوم أن التأويل أولى من التعطيل.