وثانيها: أنا لو اعتبرنا الناقل لكنا استفدنا منه ما لا يعلم من غيره ولو اعتبرنا المبقى لكنا استفدنا منه ما يعلم من غيره وهو العقل فكان اعتبار الناقل أولى.
وأجيب عنه: بانه يقتضي تقديم المقور فانا لو قدمنا الناقل عليه لكان المقرر
قد ورد قبل الناقل وحينئذ يكون المستفاد منه حكمًا يتمكن العقل من معرفته ولو قدمنا المقرر لكان الناقل قد ورد قبله فيكون المستفاد من كل واحد منهما حينئذ حكما لا يمكن معرفته من غيره فكان تقديم المقور أولى وستعرف ما عليه من الكلام.
وثالثها: أن الناقل معه زيادة علم فكان أولى بالاعتبار.
وجوابه: أن الفائدة في تقديم المقرر أكثر لأنه حينئذ يستفاد من كل واحد منهما حين وروده ما لا يعلم إلا منه فكان أولى.
واحتج من قال بتقديم المقرر. بانا لو قدمنا الناقل فإنما نقدمه لكوننا نقدر وروده بعد المقرر وحينئذ يكون ورود المقرر قبل الناقل فيكون واردأ حيث لا يحتاج إليه وليس له فائدة إلا التأكيد والتقرير ولو قدمناه فإنما نقدمه لكوننا نقدر وروده بعد الناقل وحينئذ يكون واردأ حيث يحتاج إليه وتكون فائدته التأسيس فكان الحمل عليه أولى لما تقدم غير مرة أن حمل كلام الشارع على الفائدة التأسيسية أولى.
وجوابه: أنا لا نسلم حينئذ يكون واردأ حيث لا يحتاج إليه، وهذا لأن كون ذلك الحكم شرعيا يحتاج إليه وهو إنما يصير شرعيا إذا قوره الشارع على ما كان عليه أو نقله، ولهذا كان قبل التقرير يجوز رفعه بكل دليل شرعي كالقياس وغيره، فأما بعده فلا يجوز إلا بنص من جنسه أو أقوى منه كالمتواتر